مجلس بلدية الحسيمة يعدم ساحة “فلوريدو” ذاكرة المدينة الشعبية‎.

أثار موضوع إعادة تهيئة ساحة « فلوريدو» الواقعة وسط الحسيمة، جدلا كبيرا، بعدما لاحظ سكان المدينة، العديد من السيارات مركونة بزوايا الساحة نفسها، إضافة إلى باعة الخضر والفواكه، في الوقت الذي فقدت فيه النافورة التي كانت تؤثث وسط الساحة، مكوناتها، وباتت في صورة شوهت جمالية الساحة التي تعد إحدى أعرق الساحات بالمدينة الراقدة على البحر الأبيض المتوسط، ورمزا لها.

ووقف المواطنون الذي يمرون من هذا الفضاء، على فظاعة الشكل الذي صارت عليه ساحة “فلوريدو»، التي كانت إلى عهد قريب القلب النابض بالحيوية والجاذبية، حين كانت تحتضن المحطة الطرقية للمدينة.

وتساءل العديد من المهتمين، هل الميزانية التي خصصت لإعادة تهيئة الساحة، صرفت من أجل تشويه جماليتها، أم لتحسين حلتها لتناسب مكانة المدينة السياحية، معتبرين واقعها يؤكد ذلك. وفي الوقت الذي كان يأمل فيه سكان المدينة أن تكون الساحة وجهة يقصدها الكثير منهم لقضاء بعض الوقت، وتأثيثها بمطاعم ومقاه عصرية، وإخلائها من الكتل الحديدية، وإصلاح نافورتها، على غرار الساحات الموجودة في العديد من المدن العالمية، أصبحت الساحة موضوع نقاش، سيما بعدما تم استثناؤها من المشاريع المبرمجة في إطار منارة المتوسط.

ومثلت الساحة في السبعينات وبداية الثمانينات مسرحا للنقاشات السياسية والفكرية بين طلبة جامعة محمد بن عبد الله بفاس، الذين كانون يفضلون هذه الساحة، لاحتساء كؤوس الشاي ويسمرون حتى آخر ساعة من الليل، كما كانت قبلة للمتبضعين والمتقاضين.

وتشكل الساحة، ذاكرة مدينة الحسيمة الشعبية، باعتبار أنها ظلت منذ زمن ليس باليسير فضاء ترفيهيا فسيحا، نظرا للدور الذي لعبته بالنسبة إلى أهل المنطقة، إلى جانب أنها تشكل ممرا إستراتيجيا نحو عدة مناطق وأحياء ك «كالابونيطا» و»موروبييخو» وحي مالقا، كما كانت الساحة نفسها الوجهة المفضلة للعديد من عشاق كرة القدم، لمتابعة مباريات الليغا الإسبانية بمقاهي «إيكونوميكو» و»المقهى الاقتصادي» باللونين الأبيض والأسود. وفي الوقت الذي كان المواطنون ينتظرون استعادة الساحة جزءا من حمولتها الثقافية والاجتماعية، تحولت إلى محطة للسيارات، الشيء الذي ساهم في تشويهها، بعدما لبس المجلس البلدي للحسيمة ثوب المتفرج على الساحة، وهي تندب حظها العاثر، نظرا لعدم إعطائها ما تستحقه من عناية واهتمام كبيرين وإعادة الاعتبار التاريخي والحضاري له.

جمال الفكيكي

التعليقات مغلقة.