قتل المغاربة بمالي تستنفر الأجهزة الأمنية و يد الجيران الأعداء غير مستبعدة

محمد حميمداني

 أثارت عملية اغتيال سائقين مغربيين بمالي الكثير من التعليقات و خلقت حركة نشيطة لدى مختلف الأجهزة الأمنية الوطنية و العالمية لمعرفة خباياها ، خاصة و أن الجناة غادروا مسرح الجريمة بسرعة و لم يستولوا على أي مما كان بحوزة الضحايا ، و هو ما زاد الملف غموضا ، خاصة و أن العملية تمت رميا بالرصاص مما يؤشر على أنها كانت منظمة بشكل احترافي ، لتبقى الآمال معقودة على الناجي الرابع لاستكشاف بعض خبايا العملية الإرهابية .

 

التقارير الاستخبارية الأمريكية تتحدث عن مجموعات قدمت من الجزائر عبر سيارات مموهة بأعلام الأمم المتحدة لتضليل طائرات “الدرون” المغربية التي تمشط المكان .

 

الحديث عن مجموعة إرهابية مالية يبقى واردا نظرا للتعاون الكبير بين المغرب و دولة مالي و الذي لا يرضي هاته المجموعات ، لكن هذا التقارب لا يرضي الجزائر أيضا كما “البوليزاريو” ، لأن الثابت هو أن هذا الحادث ليس عرضيا بل منظما و تم بشكل احترافي لا يمكن أن تقوم به إلا أجهزة استخبارات معادية ، خاصة و أن التقارير الاستخبارية الأمريكية تشير إلى أن المنفذين كانوا يرتدون بدلات واقية من الرصاص .

 

نفس المؤشرات ذهبت إليها الصحافة المالية التي اعتبرت العملية إرهابية ، و الأكيد أيضا أن أجهزة الاستخبارات المغربية بمختلف أصنافها قد دخلت على خط فتح تحقيقات للوصول إلى الجناة و الاقتصاص منهم ، خاصة جهاز “لادجيت” الذي ينشط هاته الأيام في مالي لتجميع المعطيات الاستخباراتية المرتبطة بالحادث و تحليلها ، وفق ما أوردته وسائل إعلام مالية .

 نفس المصادر تشير إلى أن هاته العمليات الخاصة تتم بالتنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية المالية لتحديد المجموعات التي تنشط في المنطقة التي تتبع لها بلدة “ديديني” ، موقع الجريمة الشنعاء ، خاصة و أن ما يزيد التحقيقات تعقيدا هو أن الاستهداف خص المغاربة دون غيرهم من عابري هاته الطريق ، للكشف عن الامتدادات المحلية لها أو الإقليمية ، و هي الأكثر قربا إلى الواقعية وفق ما أفادت به معلومات استخباراتية أمريكية التي تحدثت عن كون المسلحين انطلقوا من التراب الجزائري .

الإعلام المالي كما التقارير الأمريكية و حتى المغربية و الوقائع على الأرض استبعدت العنصر الجنائي نظرا لعدم تعرض الضحايا للسلب و النهب ، بل أنها كلها تؤكد فرضية العمل الإرهابي ، لكن يبقى السؤال المعلق هو هل هذا العمل الإرهابي ، عمل مدعوم و منظم من قبل دولة جارة أو له ارتباط بهزائم “البوليزاريو” بمنطقة “الكركرات” و إخراجهم منها من طرف الجيش المغربي ، و عمليات الرصد و المتابعة بواسطة الطائرات بدون طيار “الدرون” التي أوقعت رؤوسا قيادية في القتل ، كما وقع لقائد الدرك بالجبهة ؟ .

 

المؤكد أن “العملية قذرة” بالمفهوم الأمني الاستخباراتي ، و لا يستبعد تسخير “مرتزقة محليين” لتنفيذها خدمة لأجندات خارجية ، خاصة و أن الهدف كان مرسوما وفق خطة قائمة على السرعة في التنفيذ و عدم ترك أي دليل يشير إلى الجهات القائمة بالعملية ، مما يؤكد فرضية أن العملية برمتها قادتها أجهزة استخبارات معادية للمغرب و أنها أرادت بهاته العملية إرسال “رسالة مشفرة” للرباط .

 

و للإشارة فالمنطقة تعرف نشاط عدة جماعات إرهابية ، ضمنها “جماعة أنصار الدين” ، و “حركة التوحيد و الجهاد في غرب أفريقيا” ، و “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و “حركة تحرير أزواد” ، و “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” التي يتزعمها “عدنان أبو الوليد الصحراوي” ، المنحدر من مخيمات “تندوف” ، و هو دائرة البحث الرئيسية من قبل المخابرات المغربية لتفكيك خيوط وجود أية علاقة له بالمخابرات الجزائرية و “البوليزاريو” ، خاصة و أن المنطقة التي تبعد عن العاصمة “باماكو” بحوالي 300 كلم توجد تحت السيطرة المشددة للجيش المالي .

 

و سبق لحبوب الشرقاوي ، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية ، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي أن حذر من تواجد العديد من عناصر جبهة “البوليزاريو” ينشطون داخل هاته التنظيمات الإرهابية المتواجد في مناطق مالي و الساحل و جنوب الصحراء و أيضا ضمن مجموعات إرهابية صغرى ، مما يؤكد فرضية أن العملية منظمة رسميا و استهدفت تصفية حسابات رسمية مع المملكة المغربية بعد الفشل الذريع الذي منيت به الجزائر استخباريا و تأكيد وجود اختراق مغربي كبير لها بعد كشف وجود “غالي” في إسبانيا ، و تعرية كيفية نقل هذا الأخير إلى إسبانيا و الاسم المستعار الذي دخل به ، و هو ما أسقط العديد من الرؤوس الاستخبارية و العسكرية الجزائرية ، و ميدانيا بعد فشل صنيعتها في التصدي للجيش المغربي و فشل كل المخططات التآمرية التي كانت تهدف إلى زعزعة استقرار المغرب ، و التي تعامل معها الجيش المغربي بالصرامة المطلوبة .

 

و كان “فيديل سينداغورتا” ، المدير العام للسياسة الخارجية و الأمنية بوزارة الخارجية الإسبانية و الاتحاد الأوروبي و التعاون ، قد حذر من التهديد الإرهابي الحقيقي الذي تشكله جبهة “البوليساريو” في المنطقة و تأثيره على الاستقرار الإقليمي و الأوروبي حيث قال في ختام أشغال منتدى أقيم حول الإرهاب العالمي نظمه معهد (إلكانو) ، الذي عقد السنة الماضية ، إنه “صدم” حين علم أن زعيم الجماعة الإرهابية ” الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” ، عدنان أبو الوليد الصحراوي ، ينحدر من مخيمات تندوف ، مشيرا إلى أن هذه المنطقة أضحت أرضا خصبة للجهادية الإسلامية .

التعليقات مغلقة.