إحداث قطائع مع السياسات والآليات التمييزية ضد النساء والفتيات

السيد رئيس الحكومة المكلف،

تتبعنا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب الاستحقاقات الانتخابية التي أسفرت عن تجديد المؤسسات المنتخبة على المستوى الوطني والترابي وكذا تعيينكم من قبل صاحب الجلالة رئيسا للحكومة مكلفا، في انتظار استكمال هياكل المؤسسات المنتخبة، على رأسها المؤسسة التشريعية بغرفتيها. كما اطلعنا مؤخرا على إعلانكم عن تشكيل أغلبية حكومية جديدة ” قوية ومنسجمة” وعلى تصريحات مكوناتها ” بإخراج المغرب من أزمته”.

انطلاقا من التجربة السابقة ومن انشغالاتنا كجمعية حقوقية نطرح تساؤلات تتعلق برؤية ومقاربات الحكومة الجديدة:

هل سيؤدي تغيير الأغلبية الحكومية لتغيير في الرؤية بشأن المشروع المجتمعي بكل أبعاده ومستوياته وهل ستجعل الحكومة الجديدة من أولوياتها:

– محاربة اللامساواة والتمييز والعنف خاصة المبنيين على النوع بما يضمن ولوج النساء إلى كافة حقوقهن وضمان كرامتهن؟

– تقوية الحريات الفردية والجماعية وتوسيع الديمقراطية من خلال تقوية مشاركة المواطنين والمواطنات وكذا قدرات منظمات المجتمع المدني؟

إننا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إذ نتوجه إليكم لنعبر عن انتظاراتنا من الحكومة المقبلة وتصورنا لأولويات برنامجها الذي نرجوه ضامنا لحقوق الإنسان بصفة عامة وللحقوق الإنسانية للنساء والفتيات بصفة خاصة، وكذا للحريات الفردية والجماعية بما يمنح للديمقراطية نفسا جديدا ويعيد للمواطنين والمواطنات الثقة في المؤسسات، نسجل:

– التراجع وعدم تفعيل مقتضيات الدستور الصريحة المتعلقة بمكافحة التمييز وإرساء المساواة والمناصفة على مستوى السياسات العمومية وعلى مستوى الآليات (خاصة الديباجة والمادة 19)؛

– الاستمرار في اعتبار النساء ” فئة “ضمن الفئات المجتمعية في الوقت الذي تشكلن نصف المجتمع ومكونا لكل الفئات؛

– اختزال قضايا المساواة في المحور الاجتماعي للبرنامج الحكومي ولبرامج العديد من المؤسسات على المستوى الوطني والترابي وبالتالي حصر إجراءات التغيير في بعض المشاريع التي غالبا ما تكرس الأدوار التقليدية للنساء في حين أن مجتمعنا عرف تحولات كبرى تغيرت بموجبها أدوار النساء والرجال؛

– الاستمرار في جعل قضايا المساواة من اختصاص الآلية الحكومية ذات الاختصاصات الاجتماعية (الأطفال، الأشخاص في وضعية إعاقة، الأشخاص المسنين،…) في الوقت الذي تعتبر قضايا المساواة قضايا عرضانية تهم المجال الاجتماعي كما الصناعة والاقتصاد والبيئة وغيرها من المجالات، أي قضايا سياسية بامتياز؛

– ضعف ومحدودية التشريعات التي تم إصدارها منها (قانون مناهضة العنف – القانون المتعلق بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز) والتي تتضمن مقتضيات تمييزية وغير منصفة؛

– التضييق على الحريات الفردية والجماعية والحياة الديمقراطية بصفة عامة؛

– التضييق على جمعيات المجتمع المدني وتهميشه.

 

وعليه، ننتظر من حكومتكم إحداث قطائع مع التصورات والسياسات العمومية السابقة من خلال:

– التعبير عن الإرادة السياسية لحكومتكم بجعل المساواة من أولويات مشروعكم المجتمعي، باعتبارها مرتكزا للديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، ثم ترجمتها من خلال برنامجكم الحكومي والسهر على وضع سياسات قطاعية كفيلة بتقليص اللامساواة والتفاوتات خاصة بالنسبة للنساء والفتيات.

– نشر ثقافة المساواة وعدم التمييز من خلال كافة القنوات التربوية والإعلامية وكل مؤسسات التنشئة الاجتماعية بشكل يدعم الحريات والكرامة والمساواة ونبذ العنف؛

– اعتماد مقاربة تشاركية حقيقية تعتبر جمعيات المجتمع المدني وجمعيات الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات، شريكا حقيقيا في إعداد وتفعيل وتتبع وتقييم السياسات العمومية كما ينص على ذلك دستور 2011.

إننا ننتظر من حكومتكم:

1. على مستوى السياسات العمومية:

– تصريحا /برنامجا حكوميا يقدم رؤية واضحة مندمجة تعتبر المساواة وعدم التمييز من أولويات ولايتها ومبدأ مهيكلا تتم ترجمته على مستوى كل محاور البرنامج مصحوبا بأهداف ومؤشرات مرقمة تمكن من قياس وتقييم أثر السياسات العمومية على تقليص التفاوتات واللامساواة، وتربط المسؤولية بالمحاسبة، تفعيلا لديباجة الدستور ومقتضياته والقطع مع الرؤية التي تضع المساواة والنهوض بحقوق النساء في المحور الاجتماعي من البرنامج الحكومي؛

 

– مقاربة حقوقية فعالة مبنية على النتائج في التخطيط والبرمجة والميزانية في كافة السياسات العمومية على المستوى الوطني والترابي لمكافحة التمييز المباشر وغير المباشر خاصة، بالنسبة لآلاف النساء، في الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم ومحاربة الفقر والهشاشة من خلال حماية اجتماعية حقيقية وضمان الولوج إلى لأرض ووسائل الإنتاج وتثمين العمل غير المؤدى عنه؛

 

2. على مستوى التشريعات:

– إصدار قانون عام يعرف المساواة والتمييز المباشر وغير المباشر على أساس الجنس تجاه الأشخاص او المجموعات مهما كان مصدر التمييز ومكانه ومرتكبه تفعيلا لمقتضيات الدستور والتزامات بلادنا من خلال الاتفاقيات الأممية لحقوق الإنسان وأساسا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛

– تغيير شامل لمدونة الأسرة بكافة مقتضياتها بما في ذلك تعدد الزوجات – الطلاق – الحضانة – اقتسام الممتلكات خلال الزواج ونظام المواريث؛

– تغيير شامل لمقتضيات القانون الجنائي “الذي عمر في رفوف مجلس النواب” بما فيها تلك التي تعتبر بعض القضايا كالإجهاض والاعتداءات الجنسية والحريات الفردية مسا بالأخلاق العامة في تناقض تام مع الدستور ومع الالتزامات في مجال الحقوق الإنسانية؛

– مراجعة قانون مناهضة العنف بشكل يضمن الحماية الفعلية للنساء والفتيات مع ما يتطلبه من موارد بشرية مختصة ومالية وآليات الحماية وكذا تضمين مقتضيات مناهضة العنف في التشريعات التي تهم كل المؤسسات على المستوى الوطني والترابي؛

– تضمين القوانين مقتضيات لضمان المناصفة في الولوج لمراكز القرار والمسؤولية (قانون التعيينات في المناصب العليا…).

3. على مستوى الآليات:

– إرساء آليات وطنية وترابية للمساواة تتمتع بصلاحيات عرضانية ويتم تمكينها بالموارد البشرية والمالية وتخصيص الميزانيات الضرورية لمحاربة التفاوتات؛

– مراجعة قانون إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز بشكل يمكنها من الاستقلالية الإدارية والصلاحيات المتعلقة بالتقصي، ومعالجة الشكايات على غرار هيآت دستورية أخرى وإرساء بنيات وهياكل حكامة لها؛

– إرساء فعلي لآليات الديمقراطية التشاركية على المستويين الوطني والترابي.

 

السيد رئيس الحكومة المكلف،

إننا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب متيقنات مما يتطلبه هذا الورش من رؤية واضحة وإرادة سياسية قوية ومقاربة تشاركية حقيقية تجاه جمعيات المجتمع المدني إلى جانب الموارد المؤسساتية والمالية التي يمكن تعبئتها بتوفر الإرادة، لذا، ارتأينا أن نعرض عليكم انتظاراتنا المستخلصة من عملنا اليومي ومواكبتنا للسياسات العمومية من خلال منظار المساواة ومناهضة التمييز، في انتظار أن نقدم اقتراحاتنا بعد استكمال إرساء كل الهياكل المؤسساتية على إثر استحقاقات 8 شتنبر 2021.

التعليقات مغلقة.