“التحالف الاستراتيجي”بين موسكو وبكين يهدف إلى زعزعة استقرار النظام العالمي الليبرالي!!

 مراكش: السعيد الزوزي

تسبب التصعيد العسكري الكامل ل”فلاديمير بوتين “المقيم في أوكرانيا في زعزعة الاستقرار الذي يبدو انه افضل صديق له في الشؤون الدولية، الرئيس الصيني، “شي جين بينغ “، الذي استثمر في العلاقات الثنائية شخصيا وسياسيا.

 

تم تعزيز محور بكين مع موسكو مؤخرا خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022، باعلانهما المشترك و”بلا حدود “، ثم سارع مجتمع الشؤون الخارجية الغربي الى استنتاج أن موسكو وبكين كانتا تشكلان – اذا لم يتم تشكيل أي منهما بالفعل – ” تحالفا استراتيجيا” يهدف إلى زعزعة استقرار النظام العالمي الليبرالي القائم ، يعتقد البعض في الغرب أن بكين ستدعم حتما الأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ومع ذلك، يجب أن يأتي التعاون مع بعض القيود الجوهرية لتجنب تقويض أولويات بكين ومصالحها في أعين مخططي السياسة الخارجية الصينية، لأسباب مختلفة، تعد التدريبات العسكرية الأخيرة التي أجراها الكرملين لغزا ومصدرا لفرص غير متوقعة ل “بكين”.

تماشيا مع إجراء تحقيق التوازن الصعب، صرح وزير الخارجية الصيني، “وانغ يي “علنا، أنه يجب حماية سيادة  جميع البلدان وسلامة أراضيها، بما في ذلك أوكرانيا؛ وعلى روسيا و أوكرانيا العودة إلى طاولة المفاوضات، ينظر إلى هذا على نطاق واسع على أنه الموقف الأكثر وضوحا الذي اتخذته الصين بشأن الوضع الحالي ورددته مكالمة هاتفية بين “شي” و “بوتين” اليوم.

يبلور موقف الصين عنصرين: اولا ،لايدعم تحرك الكرملين ضد أوكرانيا ،وينظر إلى تصرفات موسكو على أنها انتهاك للسيادة الوطنية وميثاق الأمم المتحدة، احد المبادئ الأساسية لسياسات بكين الخارجية منذ عام 1949.ثانيا، والاكثر أهمية، تشير الصين بقوة إلى أنه لا توجد مقارنة بين أوكرانيا وتايوان ،فالاولى دولة ذات سيادة و الأخيرة ليست عضواً كاملاً في الأمم المتحدة ولكنها نظام حكم فريد ،تعتبره بكين مقاطعة منشقة .

لكن الصين ستراقب بعناية رغبة الغرب وتصميمه على الاستجابة للوضع في أوكرانيا، والذي قد يكون بمثابة إشارة إلى تايوان لاحقاً.

كما ان نزعة المغامرة العسكرية للكرملين ستضر بالصين اقتصاديا إلى حد ما، بصفتها أكبر شريك تجاري لروسيا، تتمتع الصين باستثمارات كبيرة وعلاقات مالية مع روسيا ستتعرض لعقوبات الغرب.

من المؤكد أن مثل هذه العقوبات تأتي مع ألم حاد للعديد من الشركات المملوكة للدولة التي تركز على “الوقود الاحفوري”، وبالمثل، فإن بكين هي الشريك التجاري الأول “لكييف”، وتتمتع بعلاقات ودية مع أوكرانيا، التي تعد مصدرا للحبوب والمعدات العسكرية.

ومع ذلك، ستقيس بكين رد فعلها اتجاه أوكرانيا من خلال عدسة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، تحقيقا لهذه الغاية، توفر الأزمة الأوكرانية فرصتين غير متوقعتين للرئيس “شي”.

تنظر الصين إلى الوضع في أوكرانيا على انه تشتيت في الوقت المناسب من شأنه أن يجذب الولايات المتحدة بعيدا عن منطقة المحيطين “الهندي” و “الهادئ” والعودة إلى أوروبا، على الأقل قبل انتخابات التجديد النصفي للولايات المتحدة في (نوفمبر).

يقدم هذا الصعداء غير المتوقع للصين باعتبارها المنافس الإستراتيجي الأساسي للولايات المتحدة، بدون تنسيق معتمد، عملت بكين و موسكو بالفعل كمضاعفات للقوة لتقويض قدرة الولايات المتحدة من خلال أفعالها الفردية.

من الصحيح افتراض أن روسيا والصين تنظران إلى الشؤون العالمية من منظور مماثل، ليس أقلها كراهيتهما للقيم الليبرالية، وهو ما يتيح إمكانية التعاون الثنائي المعمق بين البلدين لإظهار مكانة القوة العظمى على المسرح العالمي، إما لموازنة هيمنة الولايات المتحدة أو لتعزيز أهدافهما “الجيوسياسية”.

ومع ذلك، سيتعين على بكين النظر في الميزانية العمومية لهذا التوافق الحالي بعناية، اذا جاءت تكلفة الملاءمة بسعر أكبر بكثير من الفائدة الفعلية، فيجب على بكين أن تصل الى استنتاجها الخاص وأن تخطو بحذر.

كانت بكين تأمل في أن تقدم روسيا دعما دبلوماسيا كاملاً لمبادراتها العالمية المختلفة في إطار عدد كبير من المنصات التي تقودها الأمم المتحدة، في سياق المنافسة مع الولايات المتحدة. لكن الخطوة الحالية لموسكو جعلت رغبات الصين أكثر إشكالية، إن تهور روسيا بمثابة حافز للصين على إعادة التفكير في عودتها على تحالفها مع الكرملين، وقد ترغب في تقليل المخاطر المرتبطة بعلاقات روسيا المشحونة مع الغرب.

ربما تعد الصين تصحيحا سريا للمسار لتخفيف خطابها الدبلوماسي القاسي، ومسارا لعلاقات أقل عدائية مع الغرب لإظهار نضجها في التعامل مع أزمة عالمية كبرى.

يعتبر التاريخ درسا جيداً للحزب الشيوعي الصيني، فقد سحب “نيكيتا خروتشوف” جميع المساعدات لدعم التنمية الصناعية الناشئة في الصين لأن بكين رفضت أن تصبح شريكا صغيرا لموسكو من الناحية السياسية و العسكرية في الخمسينيات من القرن الماضي. حدث الانقسام الصينى السوفياتي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي في عالم مختلف تماما، لكن شبحه لا يزال حيا في بكين وموسكو، ومن غير المرجح أن يتم طرده في المستقبل القريب.

التعليقات مغلقة.