ثورة 14 أكتوبر 1963م .. تحضيرات وكفاح منظم “الجزء الثاني”

بقلم: الدكتور  علي محمد الزنم/ عضو مجلس النواب اليمني

 

ثانياً: ثورة 14 أكتوبر 1963م:

ستظل ثورة 14 أكتوبر 1963 شأنها شأن ثورة 26 سبتمبر 1962م حدثاً بارزاً في حياة الشعب اليمني، وستبقى ذكراهما خالدتين في ذاكرة الشعب، حتى وإن لم يتم تدوين أحداثهما بالشكل المطلوب وكذا الأجيال التي تتطلع إلى معرفة هذا التاريخ، وسيبقى كذلك حتى تكتمل الكتابة بالصورة الطبيعية والواقعية. وبما أن الشخصيات الوطنية التي شاركت وأسهمت بدور بارز في النضال الوطني وانتصار الثورة اليمنية في اعتقادي لاتزال هي المرجع الوحيد عن تلك الثورتين والنضال من أجلها فكان علينا أن نتتبع ماذا يقول الرعيل الأول الذين شهدوا وشاركوا في صنع الانتصار لإرادة وحرية وكرامة الشعب اليمني من ظلم الإمامة والاستعمار، والجميع يؤكدون واحدية الثورة اليمنية..

 

وكنا قد تحدثنا عن الثورة الأم 26 سبتمبر، وجاء دور ثورة 14 أكتوبر لنصحب القارئ عبر إطلالة قصيرة عن أهم الأحداث والمؤثرات لنجاح هذه الثورة وما رافقها من انعكاسات على اليمن أرضاً وإنساناً بشكل عام.

 

لتحديد البعد الزمني لهذه الثورة منذ وقت مبكر من الخمسينيات بالذات بعد قيام ثورة يوليو 1952م في مصر العربية واشتداد نضال حركات التحرير في الوطن العربي وخارجه ضد الوجود الاستعماري، وقد كانت اليمن تزخر بالانتفاضات والتمرد ضد الحكم الإمامي في الشمال والوجود الاستعماري في الجنوب وشكلت عدن التي فيها القيادة المركزية للاستعمار البريطاني وقواعده العسكرية شكلت مركز تجمع لكل اليمنيين شمالاً وجنوباً، ومنها كانت البداية للانطلاقة المنظمة لحركة الثورة اليمنية ضد الإمامة والاستعمار، ولذلك شهدت نهاية الخمسينات النشاط النقابي والسياسي العلني داخل مدينة “عدن” وبعض المدن اليمنية الأخرى.

 

وكان من الطبيعي أن يفكر الاستعمار البريطاني بأشكال سياسية جديدة ليتعامل من خلالها مع المتغيرات التي حدثت، ولاحتواء المشاعر التحررية التي تحركت في وجدان الجماهير اليمنية من جراء ثورة مصر القومية بقيادة الزعيم الراحل “عبد الناصر”، فقام الاستعمار بإنشاء مجالس بلدية محلية دعا لأول مرة أبناء مدينة “عدن” لانتخاب من يمثلهم في هذه المجالس مع اشتراطات حرمان أبناء المناطق المحميات الجنوبية وأبناء الشمال من حق الترشيح والانتخاب في هذه المجالس، ومن ثم عمل الاستعمار البريطاني بحق التكوين النقابي للعمال في “عدن” وأصدر قوانين تنظم حرية التكوين للنقابات، وهكذا تطورت أساليب السياسة البريطانية في “عدن” والمناطق الأخرى، فيما كانت تسمى بالمحميات، وكلما تطور وعي المواطن زاد من تفاعله مع الحركات الثورية والقومية في الوطن العربي كلما ابتكر الاستعمار أسلوباً جديداً لاحتواء هذه التطورات.

 

البريطانيون وفكرة الاتحاد الفيدرالي وإنشاء مجلس تشريعي:

مواكبة للمتغيرات وتعامل السياسة الاستعمارية البريطانية معها، فقد بدأ في هذه المرحلة البريطانيون يعملون على إيجاد صيغة اتحاد فيدرالي يجمع أولاً جميع السلطنات والدويلات في المحميات الغربية ومن ثم صيغة اتحادية مع مدينة عدن والمحميات الشرقية حضرموت والمهرة، وترافق مع هذا النشاط البريطاني إنشاء مجلس تشريعي لمدينة عدن لإشراك المواطن العدني فقط وأبناء الجاليات الأجنبية في صنع القرارات الإدارية لمدينة عدن وحرمان أبناء المحميات الأخرى وأبناء الشمال من حق الترشيح والانتخاب إلى هذا المجلس. وهنا برز النفس الاستعماري الخبيث من خلال محاولة شق الصف بين أبناء اليمن، حيث قام البريطانيون بإشراك أبناء عدن وحرمان أبناء المحميات الأخرى أبناء المناطق الشمالية وحاول الاستعمار مواجهة كل الحركات الثورية بأساليب مختلفة ومتصاعدة لمواجهة المد التحرري في الجنوب اليمني وخاصة بعد أن بدأ نشاط النقابات يتوسع تأثيره في أوساط الجماهير والتبني الواضح ل”يمنية عدن” والمحميات الغربية والشرقية، واعتبار حق المواطنة في “عدن” لكل أبناء اليمن.

 

نشاط نقابي وحزبي مكثف ضد الاستعمار:

رافق هذه المرحلة نشاط نقابي واسع بعد عام 1958م، وقد برز النشاط الموسع ل”حزب البعث العربي” و”حركة القوميين العرب”، إلى جانب نشاط رابطة أبناء الجنوب التي شكلت في نهاية الأربعينات، وقد شكلت الجبهة الوطنية المتحدة عام 1956م، مع العلم أن نضال الرابطة كان هدفه من أجل دولة الجنوب العربي عدن والمحميات الغربية والشرقية لدولة عربية لا ترتبط باليمن ولا تعترف بيمنية هذه المناطق الجنوبية، وهكذا تصاعد النضال التحرري في الجنوب، وبرزت احزاب أخرى ك”حزب اتحاد الشعب الديمقراطي (الماركسي) في عام 1962م وغيرها من الأحزاب.

 

الخلافات داخل الجبهة القومية وانعكاساتها على النضال العسكري:

حصلت خلافات داخل “الجبهة القومية” منذ أول يوم تشكيلها، ولكنها لم تبرز بشكل حاد إلا في نهاية عام 1964م عندما تصاعد العمل العسكري والسياسي في “عدن” والمناطق والجبهات الأخرى.

 

والسبب في ذلك عدم قدرة القيادة في “تعز” على مواكبة تطورات العمل السياسي في عدن واستنباط وسائل المواجهة والدهاء البريطاني في قمع الثورة وحزب العمل الفدائي في عدن، ولكن الصراع لم يحتدم أكثر إلا عند عقد المؤتمر الأول “للجبهة القومية” في يونيو 1965م الذي أقر الميثاق الوطني الجديد وترجم أهداف الثورة بجلاء الاستعمار.

 

وبقي بعد الاستعمار مثار خلاف وجدل، هل الميثاق للبناء الاجتماعي بعد استعمار على صعيد اليمن كلها، أم أنه ميثاق لمناطق الجنوب؛ مع العلم أن الميثاق تضمن أفكارا يسارية كانت مقتبسة من الميثاق الوطني المصري، وهناك أسباب أخرى، منها خوف القيادات الشمالية من القوميين وما يحملونه من أفكار يسارية، مما دفعهم إلى تحجيم الجبهة القومية وفتح المجال أمام الأحزاب الأخرى التي كانت تسيطر على جزء كبير من النقابات العمالية والتي نتج عنها جبهة التحرير في 12 يناير 1966م من “حزب الشعب الاشتراكي” و”حزب الرابطة” وبعض السلاطين ورئيس وزراء عدن، “عبد القوي مكاوي” الذي استغل مؤتمر لندن الذي قاطعته الجبهة القومية، وسافر من لندن إلى القاهرة، وبدأت المواجهات بين هذه القيادات في الجبهة القومية وجبهة التحرير.

 

الجبهة القومية بعد التفوق أهملت القوى السياسية الأخرى:

أهملت الجبهة القومية الحوار وتوسيع قاعدة المشاركة في النضال ضد الاستعمار بعد أن أحست بتفوقها سياسياً وعسكرياً على “حزب الشعب الاشتراكي” والقوى المنافسة الرئيسية لها وبقية العناصر والقوى السياسية الأخرى الوحدوية ك”حزب البعث” الذي كان له تأثير داخل “حزب الشعب” والنقابات، وفي معظم المناطق والمدن والمؤسسات في شمال الوطن، الأمر الذي جعل أمر التحالف مع هذه القوى مطلوب من وجهة نظر قيادة النظام في “صنعاء” وقيادة الأجهزة المصرية المتواجدة في اليمن، وهو الأمر الذي قاد إلى الإعلان المفاجئ للدمج في 13 يناير 1966م.

 

تفجير الحرب الأهلية بعد تفكك الجبهتين واستئثار القوميين على العمل السياسي والعسكري:

بعد أن تصاعد الصراع أكثر الذي جاء بعد أن أعلنت الجبهة القومية الانسحاب من جبهة التحرير في أكتوبر 1966م وانفرادها بالعمل العسكري والسياسي دون الاعتماد على المساعدات التي تأتيها من حكومة الشمال والحكومة المصرية، ونتج عن ذلك الدخول في مهاترات إعلامية وسياسية وعسكرية قادت إلى تفجير الحرب الأهلية قبل خروج القوات البريطانية من الجنوب، وقد استفادت بريطانيا من هذه الخلافات كثيراً وتعاملت معه بدهاء وحنكة مكنتها من إغراق الجبهتين في صراعات سياسية وعسكرية وترتيب أوضاع الجنوب بما يتفق مع قناعة المستعمر البريطاني، وذلك بقيام دولة مستقلة على صعيد الجنوب منفصلة عن الشمال وعن الأهداف الوحدوية التي كانت تتبناها الجبهتان والنظام في الشمال والقيادة المصرية.

 

ومن هنا يمكن لنا أن ندرك الطبيعة التي بدأت داخل الجبهة القومية ثم استمرارها وإبرازها مع الحكومة في الشمال والقيادة المصرية ومع جبهة التحرير من جهة أخرى، وتصعيده ليصل إلى المواجهة المسلحة بينهما في عشية الاستقلال من الناحية الأخرى.

 

والإخفاقات التي رافقت عملية البناء على صعيد الشمال والجنوب بعد الاستقلال وبعد إحراز النصر في السبعين اليوم على أعداء الثورة اليمنية أعلنت بسبب عدم اهتمام القيادتين بصياغة التحالفات الوطنية الواسعة واستمرارها دون أن يدفع الشعب اليمني الثمن الذي دفعه بواسطة جرعات متتالية وأنانية الجبهة القومية وحب الاستئثار بالسلطة والانغلاق على نفسها في الإدارة السيئة للصراعات في إطار المجتمع وكافة القوى السياسية والأحزاب السياسية الأخرى، وإن لهذا الوضع تأثير مباشر على الأوضاع في المحافظات الجنوبية.

 

وفي ضوء ما سبق ندعوكم للمقارنة والتأمل بما جرى في الماضي وأساليب الاستعمار البريطاني وأدواته في الداخل لتمزيق اليمن وما يجري اليوم بأيادي لا تقل قبحا عن الماضي لكن المشكلة فينا لم نستفيد من التأريخ وأحداثه التي تتكرر وإن أختلف الزمان والمكان والوجوه لكن الأهداف تلتقي عند نقطة تمزيق الوطن اليمني الكبير وخلق الحروب والصراعات تحت مسميات عده لتحقيق أهدافهم الدنيئة التي تفرق ولا تجمع فهل نعي ذلك جيدا .

 

*معلومات عامه عن الاحتلال البريطاني/ حكام بريطانيا خلال 129 عاماً 

 

 منذ 1839 وحتى 1867م عينت بريطانيا حكاما لها على المستعمرة حينذاك “عدن”، ثم تمددت بواسطتهم على السلطنات والمشيخات والإمارات تحت اتفاقيات ومعاهدات صداقة/استشارة/حماية، وصنفت محميات غربية وشرقية.

أطلقت بريطانيا على حكامها في “عدن” ألقاب ممثل سياسي من 1839 حتى1856م؛ فمقيم سياسي خلال 1862 – 1863 ثم عادت الإمبراطورية البريطانية؛ الى لقب مقيم سياسي لحكام “عدن” من 1863 حتى 1930م، ولمره واحده فقط أطلقت على حاكم “عدن” كبير المقيمين من 33م حتى37م؛ فمنصب الحاكم او الوالي 1940 حتى 1962م؛ وبدت بريطانيا بتسميه حكامها على “عدن” والمحميات الغربية والشرقية في الجنوب لقب مندوب سام من1962 حتى 1967م.

كل هذه الألقاب من أصبغت عليه من الحكام البريطانيون ل”عدن”؟ 

 

اسماء لاولئك الحكام؛ 

 

كابتن اس بي هينس

ميجر جاي اوترام

كولونيل/ كوهلان

ميجر/ دبليو ميريو يدز

ميجر/ سي دبليوترييمنهري

بريجدير/ جاي دبليو شنايدر

بريجدير/ ان ايه اي لوه

بريجدير/ جاي بلير

… ايه جي موج

…قاي جوب

…سي ايه كننجهام

… امور كرييه

… بي جاي ميتلانند

…ام ماسون

… ايه دي براث

… قاي ايه جل

… سي اتش برايس

…قاي ستيوارت

…تي اي سكوت

…اتش كيه ستيوارت

كولونيل/ سيرجي اس سيمس

… بي ار رايلي

…بي ار رايلي مره اخرى بمنصب كبير المقيمين

السير هاتورن هول

… ريجنالد شامبيون

… توم هيكنبوتم

…وليام لوس

…تشارلز جونستون

…كيندي تريفاسكيس

…ريتشارد تيرنبول

 

… همفري تريلفيان

 

وجاء لتنفيذ خطه الخروج الانجليزي من “عدن” آخر مندوب سام لبريطانيا، ويجيد الكثير منهم اللغة العربية وبعضهم نقل، ك”وليام لوس” من حاكم ل”عدن” 56م حتى 60م، حول مندوبا لبريطانيا في “الكويت”؛ وبعضهم مندوبين الى “البحرين”، ومنهم من عمل في الخارجية ووزارة المستعمرة.

 

هم الانجليز .. هم بريطانيا وحكامها الذين يعرفون شبرا شبرا عن “عدن” والسلطنات والامارات والمشيخات وخططوا وقسموا وخلفوا الايجابي وربما السلبي؛ إنها بريطانيا العظمى، أو المملكة المتحدة،

التعليقات مغلقة.