في اليوم الوطني للإعلام إعلاميون ومثقفون يطلقون صرخة ”توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم”

بمناسبة اليوم الوطني للإعلام الذي يصادف ال 15 نونبر من كل سنة، نظم “نادي الصحافة” بالمغرب و”المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال”، بشراكة مع “المعهد العالي للإعلام والاتصال” لقاء فكريا تحت عنوان ”محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، ما بين حرية التعبير والتفاهة”، وذلك يوم 10 نونبر 2022 على الساعة 16.30 بالرباط.

وقد ساهم في تنشيط هذا اللقاء الذي يندرج في اطار الأنشطة المشتركة بين كل من “نادي الصحافة” و”المركز المغاربي” فعاليات وأساتذة وخبراء من عوالم الفكر والثقافة والفن والصحافة والإعلام.

ويهدف هذا اللقاء إلى فتح نقاش علمي هادئ ورزين، حيث قارب المشاركون في هذه التظاهرة الفكرية، من زوايا متقاطعة، جانبا من الإشكاليات التي قد تطرحها بعض محتويات وسائط التواصل الاجتماعي المنتشرة في الفضاء الأزرق، ضدا على حرية التعبير ومبادئ حقوق الانسان، وانعكاساتها في غالب الأحيان على تفشي التفاهة التي تعد ظاهرة كونية.

ويأتي تنظيم هذا اللقاء في سياق إطلاق عريضة على شبكة الأنترنيت للتوقيع تحت عنوان ”توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم”، والتي لقيت إقبالا واسعا واحتضانا من المواطنات والمواطنين والفاعلين في مجال الصحافة والاعلام والتواصل، حيث رحبت بها الأوساط الإعلامية والحقوقية والجامعية، وفي غياب دراسات وأبحاث علمية حول تمثلات هذه الظاهرة وتداعياتها والتي تستثمر في الشبكة العنكبوتية، خاصة في نشر التفاهة وتكريس صور نمطية عن المرأة وبث الكراهية والعنصرية، والفكر الخرافي والجهل والدعوة الى العنف، فإن هذا اللقاء قد اكتسى أهمية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة.

فبقدر ما يرمى اللقاء الى المساهمة في إثارة مزيد من الانتباه لهذ الظواهر التي تستأثر باهتمام جمهور واسع، فإنه قد شكل مناسبة لتحفيز النقاش حول خطوط التماس القائمة ما بين ضمان حرية التعبير ونشر التفاهة في بعض وسائل الاعلام ووسائط التواصل، لفتح أفق جديد في التعامل معها ووفق ما هو متعارف عليه عالميا، وفق مقاربة تربوية وإعلامية والاجتهاد في انتاج محتويات ومضامين مضادة، خاصة بالإعلام العمومي السمعي البصري المطالب بالارتقاء بمنتوجه.

 

وقد تدخل في هذا اللقاء “سعيد بنيس”، الباحث في العلوم الاجتماعية، الإعلامي والكاتب، “عبد العزيز كوكاس”، الجامعية والناقدة، “زهور كرام”، “عبد الوهاب العلالي”، الباحث في التواصل السياسي، المخرج السينمائي، “عز العرب العلوي”، والفاعلة الجمعوية، “فدوى ماروب”.

 

وقد تمحور النقاش الذي غطى الفضاء حول إشكليات محتويات التواصل بين حرية التعبير والتفاهة، وهي مبادرة من أجل إعداد عريضة موضوعها السبل الكفيلة لوقف التفاهة في وسائط التواصل، وجهت الدعوة للصحافيين والمفكرين باعتبار أن هذا الموضوع هو موضوع ثقافي بامتياز.

“سكينة سربوت”: هدف اللقاء تحفيز النقاش حول حرية التعبير ووقف التفاهة في وسائل التواصل

“سكينة سربوت”، باسم المركز المغربي للأبحاث في الاعلام والاتصال، أبرزت أن مناسبة اليوم الوطني للإعلام، المنظم من طرف نادي الصحافة والمركز المغربي للأبحاث في الاعلام والاتصال، وتوقيع عريضة “توقفوا عن جعل التافهين قدزة ونجوم”، هي محاربة المحتويات التافهة لتكريس صور نمطية عن المرأة والدعوة للعنف وتكريس الجهل، وأنها تكتسي أهمية كبرى على اعتبار أن هدف اللقاء هو تحفيز النقاش حول حرية التعبير ووقف التفاهة في وسائل التواصل.

“عزيزة حلاق”: توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم

“عزيزة حلاق”، صاحبة العريضة على الانترنيت، التي أطلقتها يوم 10 أكتوبر 2022، الحاملة لشعار ”توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم”، كمبادرة ساهمت في تحريك النقاش بين حدود حرية التعبير وبين التفاهة، وهو الموضوع الذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للإعلام والاتصال.

التفاهة تسيء للاعلام ببلادنا، والمقصود من المحتوى هو دعوة لصيانة حرية حدود التعبير ضمن مطلب العريضة، التي تناشد وسائل الاعلام العمومية والخاصة من أجل تحمل مسؤوليتها، وأن ندوة اليوم تدخل في سياق النقاش المجتمعي المنفتح، والعريضة تحمل توقيعات من مختلف انحاء المملكة داخل وخارج المغرب، وقد عرفت متابعة اعلامية كبيرة، ولاقت دعما كما أنها حركت النقاش حول الموضوع.

لكن بعض الاصوات عبرت عن توجسها بناء على موقف ورأي يحترم، ومنهم من تحدث عن العريضة بنظرية المؤامرة، وهي مبادرة مجتمعية موجهة بالأساس للمنظمات المعنية بالقطاع الاعلامي، معتبرة أن المبادرة منفتحة على الجميع وتفتح المجال للكثير من المبادرات الاخرى.

“ذ زهور كرام”: سؤال الفكر مهم، وما يحدث اليوم هو تبخيس الفكر، وهذا أخطر شيء تمثله التفاهة

“الاستاذة زهور كرام” عنونت مداخلتها بعنوان “كيف نفكر في محتوى رقمي”، وأوضحت أن التفكير المقصود هو التفكير في الفكر باعتباره موضوعا، الجميل أنه جاء في مكان علمي اكاديمي، وسؤال الفكر مهم، لأن ما يحدث اليوم هو تبخيس الفكر، وهذا اخطر شيء للتفاهة، عندما لا يتم طرح السؤال فهناك مشكل في الفكر.

وأضافت أن التغير يحدث عندما تتغير لحظات إدراكنا الاشياء، التقنيات الرقمية هي وسائط ادراكية، والسرعة هي التي تميز هذا العصر، في روتيني اليوم السيء وليس الايجابي دائما، موقف المنظور يتم من غرفة النوم.

وأوضحت نحن اليوم ننتج تمثلات رقمية، الفكر اليوم في خطر يهدده الابتذال والتفاهة، وهو مهدد بالإفلاس؛ القاعدة تمنح السلطة للتافهين فيتحولون لرموز بسبب الكثير من التابعين، مضيفة أن هناك فرق بين أن تكون تابعا وبين أن تكون متابعا، فكل ابتكار انساني يجب ان يكون في صالح الانسان.

وأكدت المتدخلة أن الاعلام الرسمي هو مرجعية لليقين والحقيقة لانه يدخل للأسر، لما نفكر في الموضوع يجب ان نتغير نحن، مضيفة أن إشكالية التفكير عندما لا يطور نفسه يصبح مشاركا في التفاهة، والافتراضي شيء خطير تتحكم فيه الخوارزمات، إنك لن تخرج كما دخلت الى وسائط التواصل الاجتماعي، لا بد من الوعي، الوعي يجب ان تكون له رؤية وطنية من اجل محاربة التفاهة.

ولفتت الانتباه إلى التقنية الرقمية هي أدوات إنتاج في يد العموم، هناك المحتوى التافه، وهناك المستقبل التافه الذي يشجعها؛ فالمحتوى الرقمي يسمى أيضا بالدبلوماسية الناعمة، واليوم الساحة فارغة أمام من يشيء المرأة في المحتويات الرقمية، نحن نحتاج الى الإنسانيات الرقمية باعتبارها العلم الجديد الذي يحلل ويفكك كل هذه الظواهر.

“عبد العزيز كوكاس”: ما يغرينا في وسائل التواصل الاجتماعي هي المجانية، وعندما يكون شيء مجاني فأنت هو البضاعة يجب ان تعلم هذا

أما “عبد العزيز كوكاس”، فقال في مداخلته إننا نتكلم ها هنا عن عالم شاسع، لأننا نتعلم ونحاول أن نلامس، فكل شي متحول ومتغير، والفكر يحتاج الى زمن.

وتساءل “كوكاس” هل وظيفتنا هي وظيفة قضائية؟ وهل هذه الوظيفة تصلح لنا وللجمهور المستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي؟، الكثير يعتقد ان الافتراضي هو ضد الواقع، الافتراضي هو وجود مغاير له خصائص معينة، لقد أصبح جيلنا يقيم في الافتراضي، ولا يقيم في الواقع الا لكي يعيش؛ نحن ننتقل من الانسان العادي الى الانسان المتصل، فهل العلوم الانسانية قادرة على تشكيل اطار لفهم انسان القرن 21؟، انا لست مع الرقابة، الرقابة أسوء مفردة أنتجت في الصحافة، التافهون في كل فنون الابداع موجودون، ولكن وسائط التواصل الاجتماعي سهلت فقط في انتشار هذه التفاهة، لا بد من التميز بين الحرية والتفاهة.

وأضاف أن فوائد وسائط التواصل الاجتماعي لا تحصى، ولكن خطورتها تكمن في السرعة، لأنها أخطر ما يهدد الكيانات؛ اليوم لا توجد نماذج للنجاح، أصبحت النماذج هي السيئة، فأهم ما يواجه المجتمع هو التربية، نحتاج للوعي والتربية لخلق مناعة لدى المستخدمين، فالمدرسة التي كانت رائدة التغيير اصبحت متخلفة، والسينما ووسائل الاعلام هي اكبر من يقوم بهذه التنشئة، التوعية؛ ما يغرينا في وسائل التواصل الاجتماعي هي المجانية، وهي اكبر ما يغرينا عندما يكون شيء مجاني فأنت هو البضاعة يجب ان تعلم هذا.

وأبرز أن الإعلام الالكتروني يستقي كل مواده من وسائل التواصل الاجتماعي، وخطورة التفاهة تجيء من أنه اصبح لها وسائل للدعاية، وأصبحت تدر أرباحا على اصحابها؛ التكنولوجيا عامة تغير حياتنا بشكل كبير، والكثير من الناس الذين ينشرون صورهم الحقيقة يكونون اكثر حكمة واتزانا حسب بعض الدراسات.

“عز العرب العلوي”: الإبداع المغربي مرهون بمن يدفع، بل حتى القنوات العمومية التي من المفروض ان تبتعد عن هذا نجدها غارقة في ذلك

“عز العرب العلوي”، قارب في مداخلة عنوانها ب”انتاج التفاهة سينمائيا” لمحور السينما وعلاقتها بالتفاهة، مبرزا أن الديمقراطية تقوم على حرية التعبير وهو مكفول حسب الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وأن السينما مثلها مثل بقية وسائل التواصل الاخرى تقدم وجهات نظر، البعض ينعت بعض الانتجات السينماىية بالتفاهة أو الرداءة.

وأضاف أن مفهوم التفاهة يختلف حسب الأزمنة، حاليا تغير مفهوم التفاهة فأصبح تغيير كل مفهوم جاد الى غير جاد، هذه هي التفاهة فهي تناقض الاخلاق العامة لمجتمع معين، هي عمل لا قيمة له، والسينما المغربية بدأت بسينما النخب، والانتاجات السينماىية أغليها تجارية تبحث عن الربح وغياب الدعم عمق أسباب إنتاج التفاهة.

وأوضح أن التفاهة صارت ذات سلطة وهيمنة في هذا العصر، فالإبداع المغربي مرهون بمن يدفع بل حتى القنوات العمومية التي من المفروض ان تبتعد عن هذا نجدها غارقة في ذلك، فالفيلم التافه ظاهر منذ مرحلة الأربعينيات، أي أنه كلما كانت القصة تافهة فالفيلم سيكون بالضرورة تافها، فأمر التفاهة في الفيلم يختلف من متلقي لأخر، والفضول هو الذي يدفعك للذهاب للسينما ورؤية الفيلم، الأفلام التافهة يكون لفضول الجمهور دخل فيها وترويجها بالاضافة لطبيعة الممثلين التي تدفع الناس لرؤية بعض الافلام، الثقافة هي مجالات ابداعية، هي مرآت تعكس ما وصل اليه المجتمع كما يقول المثل كل اناء بما فيه ينضح.

“محمد عبد الوهاب العلالي”: انتقلنا من وسائل الاعلام الجماهيري إلى مجتمع المعلومات والمعرفة، والمعلومات بدون معرفة لا تساوي شيئا

 

أما “محمد عبد الوهاب العلالي”، فقد اعتبر أن الموضوع في غاية الاهمية، لأنه موضوع الساعة في كل العالم، لأننا انتقلنا من وسائل الاعلام الجماهيري إلى نظام جديد مختلف، وهو مجتمع المعلومات والمعرفة، مادته هي المعلومات؛ لقد انتقلنا الى الرقميات، مضيفا أن المعلومات بدون معرفة لا تساوي شيئا، مع مجتمع وسائل المعلومات والمعرفة ضروري من التحالف؛ من يملك المعلومات والمعرفة هو الذي يسود، فمجتمع المعرفة والمعلومات عامل أساسي قي تطور المعلومات المعاصرة، والمشكل في انتشار التفاهة، وهو في غير الادوار اي تغير الفاعلين.

وأكد “العلالي” أنه في وسائل التواصل الاجتماعي ظهر مفهوم النشطاء وانطوى المناضل السياسي وحضر الناشطون. المناضل السياسي يتبنى ايديولوجية عكس النشطاء، من التسعينات حتى الان تراجع السياسيون وتعاظم دور النشطاء، المناضل يقوم بالعلنية معروف للجمهور، إضافة إلى غياب مفهوم المثقف، فمساهمة المثقفين ضعيفة، إن لم نقل منحرفة.

وأضاف النشطاء لهم دور اساسي في التغيير، لكن لا يمكن ان يلعبوا دور السياسي كما بين التاريخ، الصحافي مقيد بالقيم الصحافية تطلب منه الدقة والموضوعية في تقديم المعلومات واحترام الخصوصية، النشطاء لم يتعلموا هذا في اي مكان، والصحافي مقيد بقانون الصحافة، له هيئة داخل المؤسسة الإعلامية عكس النشطاء الذين يبحثون عن” البوز “والإثارة.

وأضاف أن تاريخ البشرية كله قام على المادة الصحافية، وأن دور الصحافي هو أن يقوم بمعاينة اليومي، عندنا في المغرب حوالي 40% من الأمية، ومطلوب من الصحافيين ان يدافعوا عن مهنتهم بكل الاشكال، بمعنى أنه يمنع على كل صحافي إنتاج اي مادة تفتقر لأخلاقيات المهنة، هناك ضرورة لحماية القيم الصحافية وحماية الحريات، لأن الحرية الصحافية شيء مقدس، كما التربية الإعلامية، لأن مجتمع المعلومات والمعروفة يتطلب نظاما تعليميا جديدا، فنحن إذن بحاجة لإدخال الثقافة الإعلامية للمدارس والجامعات، يجب تعلمها في المدارس وليس خارجها، خطاب التفاهة يشتهر بسبب الناس الذين يتابعونه.

“فدوى مارون”: أنا لا اخاف من التفاهة، أنا أخاف من عقم الانتاج

من جهتها، أكدت “فدوى مارون”، أكدت أننا نتحدث عن منظومة إعلامية مشاركة المعلومات نرى فيها بعضنا البعض، انا لا اخاف من التفاهة، انا أخاف من عقم الانتاج. خلال الحملة الانتخابية تم استعمال المؤثرين من طرف حزب سياسي معين للتأثير على المتابعين.

التعليقات مغلقة.