الرباط: واقع حال مستعجلات المستشفى العسكري “ماريفيل” من خلال من عايشوا المعاناة والغبن داخله

تسجيل صوتي لواقع المعاناة داخل المستشفى العسكري "ماريفيل" بالرباط

أصوات: القسم الاجتماعي

العالم في حاجة إلى حارس أمين على صحته، يحرس القيم ويحمي الصحة ويدافع عنها، بما في ذلك الحق في الصحة”، هل نحن بالفعل أمام التجسيد العملي لهذا الشعار وممارسته؟، الوقائع الملتقطة من واقع المستشفيات تؤكد البعد عن ممارسته وحماية الصحة من موقع الحارس والمدافع عن هذا الحق، كما هو الحال في صورة إنسانية حملتها بمشاعر الغضب والحسرة على واقع صحة مقتول مع سبق الإصرار والترصد بالمستشفى العسكري بالرباط “ماريفيل”.

 

يقف القدر ليصدر حكمه بنهاية عمر لمن أفنى حياته دفاعا عن وحدة الوطن وأمنه واستقراره، تتلاشى الكلمات أمام عمق الجرح وقوة الصدمة وألم الفراق، يوارى الثرى فيهنأ بطاعة مملكة الرحمان، لكن الجراح الحية لا تندمل وتبقى تتحرك عبر ثنايا من عايشوا المأساة، والمعاناة بين أدرب المستشفى بالرباط.

 

دستور منظمة الصحة العالمية يقول بأن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، وضمن هذا الحق تحضر الرعاية الصحية المقبولة والميسورة التكلفة ذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب.

 

هذا الشعار يعد مركزيا عمم على كافة دول العالم ليصبح دستورا صحيا وعقدا صحيا يربط الحكومات والمنظمات الصحية بالفرد وأمنه الصحي كما الغذائي، لكن الوقائع على الأرض في المستشفى العسكري لم تعكس تلك الصورة، حيث يتم التعامل مع المرضى ووالجي خدماته كالبهائم، ويتركون في زوايا أركانه، ولا يتم إجراء أي بحث أو تحليل للحالة وفق القواعد الصحية المعمول بها، خاصة وأن تلك الحالة التي عرضتها “بوشرى الغياثي” تعكس عمق مأساة، ولوعة جراح امتدت من الموت الصحي في المستشفى العسكري بالرباط، إلى الموت الطبيعي الذي أركن أحد ضحايا هاته المهازل الصحية الثرى.

 

حيث قذف بالمريض في الخارج بدعوى أن لا شيء يمكن أن يقدم، ويعطى موعدا لأشهر، على الرغم من صعوبة الحالة، بل لم يتم إخضاع المريض لأي شكل من أشكال المراقبة الصحية، لا راديو ولا تحاليل، وحديث عن “الكلاوي”، والحال أن المريض مصاب ب”السرطان”.

 

الصدمة للعائلة أتت بعدما تم نقل الوالد وعرضه من شدة الألم الذي يعصره على مستشفى “مولاي علي الشريف” ليتم اكتشاف أن الوالد مصاب بمرض السرطان، الذي لم تره أعين المستشفى العسكري “ماريفيل” بالرباط، لتبدأ رحلة التيهان في أدرب الأسئلة الحارقة المشتعلة.

 

منظمة الصحة العالمية تؤكد على أنه من الواجب على الدول أن تهيئ الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة بقدر الإمكان، أين نحن من هذا الحق في واقع قذف بالمريض في الشارع ليموت بعدها، من يتحمل المسؤولية عن هاته المأساة الإنسانية وغيرها من المآسي التي لم يتم رصدها؟.

 

“بوشرى” تبلغ نداءها لجميع المستشفيات، وخاصة بالمستشفى العسكري “ماريفيل”، للحرص على صحة الناس، خاصة من مرضى السرطان، ناقلة معاناة عاشتها لحظة بلحظة من غياب روح المسؤولية ، وعلى النقيض من ذلك ناقلة شكرها لمدير مستشفى “مولاي علي الشريف” الذي اكتشف إصابة والدها بالسرطان. 

 

وأضافت، حينما تقدمت للمستشفى العسكري كانت الحالة مستعجلة، وكنت أتمنى أن يقوم هؤلاء المسؤولون الصحيون بواجبهم، لا أن يسقطونا في وابل من الأسئلة المحيرة لغياب واقع صحي فعلي وإرادة إنسانية ووطنية، خاصة وأن الوالد قطع 34 سنة من الخدمة في الجندية، وأمام هذا الوضع تهنا في لغة الاحتمالات من القائلين بمرض نفسي، أو مرض الكبدة، لكن الإدارة وبقدرة قادر لم تكلف نفسها عناء إجراء التحاليل والاختبارات لتحديد المرض، بل أنه ولهزل ما يقع فقد تفتقت عبقريتها بمنح موعد في وقت لاحق عن مرض “الكلاوي”، سبحان الله الوالد مريض بالسرطان وعبقرية المستشفى العسكري تتفضل بإعطاء موعد عن مرض “الكلاوي”، قمة السقوط الذي عشناه ونعيشه”.

 

 وفي توصيفها للوقائع على الأرض داخل المستشفى العسكري قالت “بوشرى”: “إنه لا تخال نفسك داخل مستشفى، فلا شيء موجود، المعاملة منحطة، والماء غير موجود، من 10 صباحا وحتى 3 بعد الزوال لا وجود للماء في المراحيض، ما كل هذا؟، هل نحن في مؤسسة عمومية أم في أي شيء آخر؟، والحديث هنا عن مستعجلات المستشفى العسكري طبعا، حالة يرثى لها، المعاملة في الحضيض، حينما تسأل، يجيبك رئيس المصلحة “ما عندي ما ندير ليه”، وحينما تحتج يتم إحضار الدرك لإخراجك”. 

 

 وأضافت “بوشرى”، “ناس ديال السيفل تعاملوا مع الحالة بإيجابية، حتى “”الكود” لم يسلم لنا لماذا؟، ما معنى ما عندي ما ندير ليه؟ هل هذا هو الإحساس بالمريض، وكما قال “سيدنا” المريض يجب أن يكون له اعتبار، لم يتم إحضار الدرك؟، ليزداد الوالد المريض مرضا ويقول لهم خليولي بنتي ما تديوهاش”، إنها مشاهد قاتمة ومقززة لواقع حال مستعجلات المستشفى العسكري “ماريفيل”، وهو ما يستوجب فتح تحقيق في الموضوع لتحديد المسؤوليات وإنزال الجزاءات المطلوبة، لأن الأمر يتعلق بقيم إنسانية صودرت وبصورة سلبية تسوق لمؤسسات علاجية من قبل المستشفى العسكري، الذي كان في السابق يعد مفخرة للمغرب والمغاربة.

 

 وانطلاقا من ثقافة الاعتراف، ومن قاعدة، من لم يشكر الناس لن يشكر الله، وقفت “بوشرى” حول الحالات الإنسانية التي عاضددتها في محنتها، شاكرة كلا من “البقالي” رئيس جمعية “لالة سلمى” لأمراض السرطان، الذين آزروها خلال محنها، مضيفة أن الواقع الذي عاشته صعب، ف”كيف عشته كيف أحسست به، لكم أن تتخيلوا جندي يعالج في مستشفى مدني لهو العيب والعار”.

 

 وأكدت “بوشرى” أن “هناك معاملة في المستعجلات ليست في المستوى، وما بقي في هو أنني في السرطان، ولم أقدر أن أقوم بأي شيء”، تقولها وعينيها تدمع على حالة الغبن والقهر التي عاشتها وفراق الوالد.

 

إنها مشاهد إنسانية عميقة، توضح بجلاء مغازي الدعوات الملكية السامية لكافة المسؤولين بأن يكونوا أهلا للمسؤولية الملقاة على عاتقهم أو ينسحبوا، يقول جلالة الملك محمد السادس نصره الله في إحدى خطبه المولوية

 

فالصحة ليس هياكل إسمنتية وبدلا بيضاء تتحرك كما في الرسوم المتحركة، إنها عمق إنساني، ومعنى الإيمان بها أن تهيأ لها الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة بقدر الإمكان، من توفير الخدمات الصحية وظروف العمل الصحية والمأمونة والإسكان الملائم والأطعمة المغذية، وهو ما تم التأكيد عليه من خلال العديد من معاهدات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، وفي الدساتير الوطنية في جميع أنحاء العالم، ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، 1966؛ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، 1979؛ اتفاقية حقوق الطفل، 1989….

 

فالمطلوب رعاية أولية تضمن الصحة والرفاهية تشمل كل المجتمع وتتمحور حول احتياجات وأولويات الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية، البدنية منها والنفسية والاجتماعية الشاملة والمترابطة، طوال الحياة، ولا تقتصر على مجموعة من الأمراض المحدّدة، وتضمن الرعاية الصحية الأولية حصول الأشخاص على رعاية شاملة، تتراوح بين الإرشاد والوقاية إلى العلاج وإعادة التأهيل والرعاية الملطِّفة كأقرب ما يمكن إلى بيئة الناس اليومية، في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف وعلى الاعتراف بالحق الأساسي في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، كما ورد في المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ” لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، […]”.

التعليقات مغلقة.