الحرب في السودان من التفجر إلى المزيد من التفجر

محمد حميمداني

دخل الاقتتال في “السودان” أسبوعه الثاني، وعاد صوت الرصاص، السبت، ليتكلم كلغة بين الإخوة الأعداء، وعادت الانفجارات لتغطي العاصمة السودانية، بعد أن تم تسجيل تراجع في الوثيرة، الجمعة، ارتباطا بالإعلان عن هدنة مؤقتة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

معارك الأسبوع الفارط أسقطت مئات القتلى وآلاف الجرحى من عسكريين، وخاصة وسط المدنيين.

وكانت الأوضاع في “السودان” قد تفجرت في شهر أبريل بين القوات الموالية لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة نائبه “محمد حمدان دقلو”، المعروف ب”حميدتي”، والذي تحول من الحليف المقرب إلى العدو اللذوذ.

الإخوة في الماضي، الأعداء راهنا، كانا قد استوليا على السلطة كاملة إثر انقلاب 2021 الذي أطاح بالحكم المدني المتقاسم السلطة مع العسكر.

حبل المودة العسكري وتقاسم كعك السلطة سرعان ما تحول إلى لغة القتال والذمار والقتل من أجلها في الشوارع.

وعلى الرغم من الإعلان، الجمعة، عن وقف إطلاق النار، حيث قال الجيش إنه “وافق على وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام” ارتباطا بعيد الفطر، الذي كان قد دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

الوضع في “السودان” متفجر وملغوم، يصعب معه تحديد الأوضاع على الأرض والبوصلة التي يسير في اتجاهها في ظل خطر التنقل.

الطرفان معا يؤكدان التفوق والسيطرة على مواقع جديدة، والهدنة تحولت إلى معارك طاحنة، يومه ليلة السبت، أي بعد يوم من حصولها وتسجيل تراجع في حدة المواجهات العسكرية.

العاصمة السودانية، التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، تحولت إلى مدينة منكوبة مهجورة، بعد أن هجرها سكانها نتيجة المعارك وضراوتها، وسقوط العديد من المدنيين وقودا لها، ومن بقي داخلها احتمى بالمنازل من دون كهرباء، في ظل أجواء حر شديدة، لأن الخروج منها يعني المغامرة المميتة.

وعلى صعيد المواجهات عرفت الخرطوم تفجر معارك عنيفة، خلال الأيام الماضية، حيث شنت الطائرات المقاتلة ضربات جوية على عدة مواقع، فيما لازمت الدبابات شوارع “الخرطوم”، مع سماع ذوي القصف المدفعي والرصاص في مناطق آهلة بالسكان، ونفس الوضع في باقي أنحاد البلاد.

كلا الطرفين يتهم الآخر بخرق الهدنة، التي تفجرت بقوة بعد ساعات من إقرارها.

الأجانب في السودان يعيشون في وضع كارثي مع غلق المجال الجوي الممكن من مغادرة البلاد والهروب من الموت.

مجموعة من الدول أعدت خطط طوارئ لإجلاء رعاياها، على الحدود مع السودان، وهو ما قامت به الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان التي نشرت قوات لها في الدول المجاورة، فيما يدرس الاتحاد الأوروبي تنفيذ نفس الخطوة.

وزارة الخارجية الأميركية وصفت، الجمعة، إمكانية إجلاء موظفي سفارتها هناك ب “الخطير”.

قوات الدعم السريع قالت إنها ستفتح مطارات السودان “جزئيا” لإجلاء الأجانب دون تحديد هاته المطارات.

الوضع في “السودان” كارثي، ومنظمة الصحة العالمية قالت في شأنه إن 413 شخصا على الأقل قتلوا خلال هاته المواجهات، فيما أصيب 3551 بجروح في جميع أنحاء السودان.

معطيات هي أقل بكثير من المعطيات الفعلية على الأرض، خاصة وأن العديد من الجرحى لم يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات.

البنية التحتية الصحية أصبحت غير قادرة على استيعاب الضغط الكبير نتيجة عدد المصابين المرتفع، حيث قالت نقابة الأطباء إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة “توقفت عن العمل”، فيما تعرضت أخرى للنهب، كما أن أربع مستشفيات على الأقل في ولاية شمال “كردفان” قد تعرضت للقصف.

الوضع المأساوي كارثي، وفي شأنه قال برنامج الغذاء العالمي إن العنف قد يدفع ملايين آخرين إلى الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص إلى المساعدة.

وتخشى مجموعة الأزمات الدولية انزلاق البلاد إلى حرب أهلية شاملة، حيث دعت إلى اتخاذ خطوات عاجلة لوقف هاته الحرب المدمرة.

وكانت خطة دمج قوات الدعم السريع في الجيش واختلاف وجهات النظر حولها، قد فجرت الأوضاع بين “البرهان” و”حميدتي”.

التعليقات مغلقة.