اليهودي في المثل الشعبي الأمازيغي.. “تازناخت آيت واوزكيت” نموذجا..

للباحث الحسن اعبا

يختلف الناس في تسمية المثل الشعبي؛ فمنهم من يسميه “المثل الشعبي”، ومنهم من ينعثه بطالمثل العامي” أو “المثل الدارج”، وغيرها من المسميات التي تؤدي إلى نفس المعنى...

ويعرف “مروان عبود” المثل العامي أو الشعبي بقوله: “المثل هو أدب الشعب وعنوان ثقافته، والدليل على عقلية الأمة الخام، وأخلاقها الأولية، وهو من أهم عناصر الثقافة الشعبية نظرا لقدرته على التعبير عن طبيعة الناس ومعتقداتهم؛ فهو لا يصور الوقائع والمواقف والحوادث الحياتية فقط، بل يتجاوز كل ذلك ليقدم النموذج الواجب الاقتداء به في مواقف عديدة، وكأنه نتيجة عملية مجربة تعبر عن الخبرة والتجربة العميقة؛ ونتيجة اختباراتها في الحياة..”.

أهم ما يميز المثل الشعبي أنه يمكنك من دراسة خبرات كل شرائح الشعب

وأهم ما يميز المثل الشعبي أنه يمكنك من دراسة خبرات كل شرائح الشعب، فلا يقتصر الدارس على فئة معينة دون أخرى، ولا أحد يناقش في مصداقية المثل؛ لأنه فرض نفسه في حياة الناس فصاروا يردّدونه، كلما وجدوا أنفسهم في موقف مماثل لموضوع المثل.

لذلك، فالأمثال المغربية لم تنكر وجود العنصر اليهودي في طيات مواضيعها، بل نجده في عدد كبير من الأمثال؛ التي تكشف مواضيعها المتنوعة عن غنى العلاقات بين اليهودي المغربي وباقي المواطنين، العربي أو الحساني أو الأمازيغي أو الصحراوي، فهو معهم في مرتبة واحدة.

لابد من الرجوع للأمثال لفهم العلاقات بين اليهود وباقي مكونات المجتمع المغربي

 

وتبعا لذلك، لابد من الرجوع للأمثال لفهم العلاقات بين اليهود، وباقي مكونات الهوية المغربية، نظرا لما تتمتع به من بنية لغوية مختزلة؛ تجعلها تتميز بوظيفة تفسيرية قوية تستمدها من قوتها الدلالية، بعد تصفح مجموعة من الأمثال الشعبية المتعلقة باليهود، وجدنا أنها تعكس غنى العلاقات التي جمعت اليهود بإخوانهم من باقي المكونات، وهذه العلاقات تأخذ عموما اتجاهين متعارضين؛ اتجاه عبارة عن صور نمطية جاهزة تنطوي على التهميش والرفض والاحتقار؛ واتجاه آخر قوامه التعايش والجوار، وهذا التناقض لا ينطبق فقط على العنصر العبري،بل نجده حاضرا في الأمثال الشعبية التي تطرقت لباقي مكونات الهوية المغربية؛ لأنه بكل بساطة يعكس طبيعة العلاقات الإنسانية داخل أيّ مجتمع؛ فحيثما يكون التآلف والتجاور تجد الاختلاف والتنافر.

يقول “مأمون المريني” تعليقا على هذا التعارض: “لا نريد من هذه المقاربة أن تفضي إلى أن اليهود -من خلال الأمثال الشعبية- قد قضوا في المغرب ولا يزالون شهر عسل دائم، ولا نريد أيضا أن نسم هذه العشرة بطابع الإقصاء والرفض والاحتقار؛ لأنه بالإمكان إيراد ما يكفي من الأمثلة والشواهد والشهادات على صحة الوضعين والحكمين معا، وهما -من الأكيد- بعيدين أشد ما يكون البعد عن الحقيقة والصواب”.

والحال أن النظرة والموقف يختلفان حسب موقع التعامل، تجاريا كان أو اجتماعيا أو دينيا؛ وما البحث عن هذه الحال إلا عبر مثل هذا الغوص في الذاكرة الشعبية، والاستعانة بما يفيد من علوم ومناهج أخرى، ويعين على نبش الذاكرة والاقتراب من حقيقة هذا التعايش الذي تتناقض فيه الآراء والمواقف حسب منطلقاتها السياسية والدينية والثقافية.

ضرورة تجاوز الصورة النمطية والنبش في أمثال الاتجاه الآخر القابل لليهود

ونحن في هذا المقال، لانريد تكرار ما جاء من أمثال في تهميش واحتقار اليهود؛ لأن هذا الاتجاه لم ينل من اليهود المغاربة فقط؛ وإنما طال يهود العالم أجمع.

يقول الأستاذ “محمد دخاي” عن أمثال هذا الاتجاه: “هو جزء، من رؤية عامة تعمل على شيطنة المكون اليهودي بالكامل في الثقافة العربية، بل وفي الثقافة العالمية؛ فهذا الاتجاه النمطي الرافض لليهود؛ والذي همشهم ونعثهم بأقبح النعوت، لا يستطيع أبدا أن ينفي وجود التسامح وتقبل الآخر؛ والاعتراف بفضله تاريخيا واجتماعيا واقتصاديا”.

لذلك نريد في هذا المقال أن ننبش في أمثال الاتجاه الآخر القابل لليهود، والذي ينبني على صور حقيقية من تعايش اليهود مع إخوانهم المغاربة المسلمين؛ وعززته شهادات كثيرة لمسلمين جاوروا اليهود جنبا إلى جنب، واقتسموا معهم الأفراح والأحزان لسنوات طويلة.

هذه الأمثال التي عبرت بصدق وواقعية عن صور من التعايش، والتقارب، والانصهار، ضمن ثقافة واحدة هي الثقافة المغربية؛ في حين احتفظ كل عنصر لنفسه بحرية القيام بالشعائر الدينية.

ومن أهم الأمثال الشعبية التي أخدناها ب”تازناخت الكبرى” ونواحيها وببعض القبائل ب”آيت واوزكيت” هناك..

بعض الأمثال التي تتحدث عن اليهود ودلالاتها

1…ءيغرات غ ءيليغتءيغراؤداي، يدل هذا المثل الشعبي على ذلك الإنسان الحاذق والشاطر.

2..حادانت كول ولايات غ طاگيا ن موشي، يدل أيضا على الشطارة والحيلة.

3..ءيغ ءيگولا لحزان خار تكاتتاگات طالب، بمعنى مهما بلغ الفقيه المسلم درجة من العلم فإنه لا يمكن له أن يصل إلى ما وصل اليه “الحزان اليهودي”.

4..ءينا ؤداييوموسلم..ؤرابنوغ غينا غيلا بوخو، هذا المثل يدل على المعرفة، والمقصود ب”بخو” هنا، تلك الأحجار التي تكون في النهر، فأينما وجدت هذه الأحجار فإن مكانها لا يصلح للبناء لأن الواد سوف يعود إليها.

5..يان ئيرادءيرزمءيوامان..ءيفتو س دار ؤداي، بمعنى من أراد أن يجد حلا لمشكلته، فعليه أن يقصد اليهودي.

6.. زابور لي تغريتزوارغ كيس، يدل على السبق إلى المعرفة.

7..ؤر ايصدوقورؤدايتيفلوت ن يان امر تين ايدارس، ومعناها: أن اليهودي لا يمكن أن يصدق الآخرون كانوا افراد بني جنسه فقط.

8..ؤر ءيمكينؤداياياويتاموسلمت خارد ءيشتيرام نس، معناه…المستحيل.

9..ءينا ؤداييوموسلم..سماقل زوار تاسيتءينمان، ويعني أنك إذا أردت أن تشتري شيئا فامعن النظر جيدا قبل أن تشتري.

10…يان ءيران لعيلم لكرش ءيغرت غ دار ؤداي، المقصود بعلم “لكرش” هو علم الباطن، من أراد أن يتعرف عليه ما عليه إلا أن يقصد اليهودي.

11..تاكرا ار داغ تاكرت ارد ن تلكمتءيمين لكوهين تاكيت، يدل على معرفة السارق عند اليهودي.

12.. ءيناؤداي ..اور تنت كولوءيت تو بنادم، وتدل على النسيان.

13..ءينا ؤداي فتو س ءيناغگوتنتؤردءيناغدروسنت، ومعناه أن الإنسان عليه دائما أن يميل إلى الأغلبية.

14..نان ؤداين اور اسنت ترزمت خارد تنت تامزت، أي لا تغامر برزقك حتى تضمن النجاح.

15..نان ؤداينءيغتنتكولوتوسيت تفل گيسنت، ويدل على الاحتياط.

16..ءينايسن ؤداين..ءيغاونءينافكاتيتيگلايءيغنضرغ..تينيماس غير ضرد، يدل على المعرفة المسبقة.

2..ماد نان ؤداين ف ءيموسلمن

  1..  نان ؤداين..اس نلعيد ايس ءيكلاؤموسلم، يدل هذا المثل الشعبي على عدم الاهتمام.

2..ءينا ؤداي ف ؤموسلم…اسنان توفيت اموسلمءيزبرت لفرح..تيسانتءيزد اينا تين ءيسكر غ ؤگماس، يدل على عدم الأخوة.

3..ءينا ؤداييوموسلم..تيزي ليغيوتءيويس ن ؤدايءيويس ن ؤموسلم..ءيغ توت ءيوياياموسلم ران اداس ءينين مدن ماداك يوتيوتءيويس ن ؤداي..ءيغتءيتوجيت ران اداس ءينين ماداك يوتن ءيويس ن ؤموسلمءيويس ن ؤدايكات يوتن، يدل هذا المثل الشعبي عن قصة وقعت على ذكاء اليهودي وحكمته.

4..ءينا ؤداي غ واوال نس…ءيموسلمنءيموسلغن، يدل على بعض المسلمين الدين يطمعون في كل شيء.

5..ءينا ؤداييوموسلمؤر ايبنا يان غ ءيناغ لان ءيدبوخو، المقصود ب”ادبوخو” أحجار الواد التي لا تصلح للبناء، فأيمنا وجدت هذه الأحجار فإن ذلك المكان لايصلح للبناء.

6..ءينا نيت داغ ؤداييوموسلم…اطار ؤرايسراس غير غينا يوفا ارد زوار ءيسانءيگضاض ن تمازيرت، هذا المثل الشعبي يدل على المعرفة المسبقة.

7..ءينا ؤداييوموسلمكاكلامخاينتسخدتبوتغراض، ويدل على من يستحق أن يعمل معك.

8..ءينا ؤداييوموسلماورتنتكولوتيريت.فلگيسنتيوسكا، يدل على الاحتياط.

9..ءينا ؤداييوموسلم ..ءيغ تنسيت غ لخلا تبالات غ تاما ن ؤغاراس، يدل أيضا على الحذر والاحتياط.

10..ءينا ؤداييوموسلمءيغنؤكانگيكحيدنت يان تنت ءيرانءيكشمتنت، ويدل على عدم الدخول في كثرة المشاكل.

11..ءينا ؤداييوموسلم..اسوقدءيرخااسخسيايشقان، ويدل على الفتنة.

12..ءينا ؤداي..ءيغتنت دارك ءيرا بنادم زيك تسماتيت خار تالگات، بمعنى لا تقرض لأي أحد حتى تمتحنه أولا.

 

وكخلاصة القول، فإننا لا نريد من هذه المقاربة أن تفضي إلى أن اليهود –من خلال الأمثال الشعبية- قد قضوا في المغرب ولا يزالون شهر عسل دائم، ولا نريد أيضا أن نسم هذه العشرة بطابع الإقصاء والرفض والاحتقار؛ لأنه بالإمكان إيراد ما يكفي من الأمثلة والشواهد والشهادات على صحة الوضعين والحكمين معا، وهما –من الأكيد- بعيدين أشد ما يكون البعد عن الحقيقة والصواب.

والحال أن النظرة والموقف يختلفان حسب موقع التعامل، تجاريا كان أو اجتماعيا أو دينيا؛ وما البحث عن هذه الحال إلا عبر مثل هذا الغوص في الذاكرة الشعبية، والاستعانة بما يفيد من علوم ومناهج أخرى ويعين على نبش الذاكرة والاقتراب من حقيقة هذا التعايش الذي تتناقض فيه الآراء والمواقف حسب منطلقاتها السياسية والدينية والثقافية.

لا يمكن –بأي حال من الأحوال- أن نخلص إلى أحكام ونتائج واحدة أو متقاربة إذا لم نقارن ما بين نتائج وأحكام كل ما تحتفظ به ذاكرتنا الشعبية من ألغاز ونكات وأمثال وحكايات (خرافات) وأغاني ورقصات فلكلورية..

النكات أو الخرافة ما زالت تحتفظ بالصورة والوضع الأقربين إلى الواقع الشعبي

 

وما يمكن ملاحظته في هذا الصدد، هو أن المادة التي تمدنا بها النكات أو الخرافة أو المعيار ما زالت تحتفظ بالصورة والوضع الأقربين إلى الواقع الشعبي، ونظرته الصريحة والتلقائية للقيم الأخلاقية والدينية والنفعية وللصراع الاجتماعي والثقافي داخله وبين جميع مكوناته، والذي شكل اليهود –على الدوام- ركنا أساسيا لا يجوز أبدا إهماله.

وهذا موضوع هم علمي آخر، نتمنى أن تسعفنا الظروف الموضوعية لولوجه والخوض فيه.

التعليقات مغلقة.