جواب وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي على جلسة الأسئلة الشفهية مجلس المستشارين.
السيد الرئيس المحترم،
السيدات المستشارات المحترمات… السادة المستشارون المحترمون،
أشكركم على العناية التي تولونها لقطاع التربية والتكوين من خلال استدامة حضور قضاياه داخل هذه المؤسسة الدستورية الموقرة، أود أن أثمن طرحكم لهذه الأسئلة وذلك لأن مواضيعها تمس مجالا محوريا وحيويا هو مجال الموارد البشرية، التي يتوقف عليها حاضر ومستقبل المنظومة التربوية ببلادنا، مؤكدا لكم استعدادنا الدائم، داخل الوزارة، من أجل التجاوب مع كافة القضايا التي تثيرونها والتي تجسد الانشغالات الحقيقية لمختلف مكونات المجتمع وخاصة لقطاعاته الاجتماعية والاقتصادية التي تمثلونها.
السيدات المستشارات المحترمات… السادة المستشارون المحترمون، إذا جاز لي أن أصنف المواضيع والقضايا الواردة في الأسئلة التي تفضلتمْ بطرحهـا، فيمْكن لي أن أصنفها إلى محورين اثنين:
– الأول يهم ملف الأساتذة أطر الأكاديميات ؛
– والثاني يهم الحوار الاجتماعي ومطالب بعض الفئات داخل القطاع.
لا أخفي عليكم، أنه كلما أثير ملف الأساتذة أطر الأكاديميات، إلا ووجدت نفسي، كل مرة، مضطرا لأوضح مسألة أساسيّة، لا يمكن لي السكوت عنها وأعني بها مسألة التسمية أو التسميات، التي صارت تتناسل وتتكاثر، فأحيانا يوصف أصحاب هذا الملف ب “المتعاقدين” و أحيانا أخرى ب ” الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”. وهو أمر مؤسف للغاية، و يعكس إما عدم الاطلاع الكافي على طبيعة هذا الملف والمسارات التي قطعها منذ أن برز على الساحة التعليمية سنة 2016 أو من أجل الإثارة وتغليط الرأي العام الوطني.
وإني أوكد لكم مرة أخرى أنه ليس لدينا داخل المنظومة التربوية ما تتم تسميته ب “المتعاقدين”. فهذه التسمية، التي استعملت في مرحلة انتقالية سابقة، لم يعد لها وجود على الإطلاق.
السيدات و السادة :
لقد قدمت خلال جلسة الأسبوع الماضي بمجلس النواب ما يكفي من المعطيات الدقيقة بخصوص هذا الملف وأوضحت بالدليل والبرهان أن الأمر يتعلق بتوظيف جهوي عمومي وليس “بعقد محدد المدة” يرسخ الهشاشة وعدم الاستقرار كما يدعي البعض، كما أن التوظيف الجهوي الذي أقدمت عليه الحكومة سعيا منها للحد من الخصاص المهول من الأساتذة الذي عرفته المنظومة التربوية قبل 2016، مكن من توظيف أكثر من 100 ألف من أطر التدريس في ظرف 5 سنوات، وهو ما يعادل ما تمّ توظيفه خلال 20 سنة الماضية ، وهذا إنجاز كبير لم يسبق تحقيقه في تاريخ المنظومة.
وقد سبق لي أن أكدت أن هذا النمط من التوظيف ليس وليد اليوم بل نص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 كما تضمنته الرؤية الاستراتجية للإصلاح سنة 2015.
وقد كانت لهذا النمط من التوظيف آثار إيجابية كثيرة على المنظومة التربوية حيث مكن من ضمان الحق في التمدرس لمئات آلاف الأطفال خاصة في العالم القروي وأسهم في تجويد المنظومة من خلال التقليص بشكل كبير من الاكتظاظ والأقسام المشتركة في الفصول الدراسية، وهو الأمر الذي كنتم أنتم تطالبون به عبر أسئلتكم الكتابية والشفهية.
إنني أجدد التأكيد مرة أخرى على أن النظام الأساسي الحالي الذي يحتوي على 113 مادة والذي أسقط التعاقد بشكل نهائي في مارس 2019 ومكن من إدماجهم في وضعية مهنية نظامية تراعي المماثلة والمطابقة مع الأساتذة الآخرين، يخول لهم نفس الضمانات والامتيازات من ترقية وولوج إلى مناصب المسؤولية ومشاركة في المباريات…
كما أجدد القول أن الإقبال الكبير والطوعي على مباريات التوظيف التي تعلن عنها الأكاديميات سنويا، يؤكد بما لا يترك مجالا للشك أن هذا التوظيف لم يفرض على أي أحد، حيث يتقدم المترشحون لاجتياز هذه المباريات بكل طواعية وإرادة وشغف ومثابرة لاجتيازها بنجاح.
ويمكن لي أن أخبركم من هذا المنبر أن عملية ترسيم أطر الأكاديميات هي جارية اليوم على قدم وساق وهو ما سيتيح للأطر المرسّمة إمكانية الترشح لاجتياز المباريات داخل القطاع و التباري خلال كل الاستحقاقات التربوية و الإدارية القادمة، كما نأمل أن يتقلد هؤلاء الأطر في السنوات المقبلة القليلة مختلف مناصب المسؤولية داخل القطاع : من مدراء مؤسسات تعليمية أو رؤساء مصالح وأقسام أومدراء إقليميون…
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات المستشارات المحترمات… السادة المستشارون المحترمون؛اسمحُوا لي أنْ أغتنم هذه الفرصة لأوجه كلمة مباشرة إلى الأساتذة أطر الأكاديميات، كلمة نابعة من رؤية المسؤولِ الحريص على ضمان حق التمدرس، وصادرة كذلك، من قلب الأستاذ والمربي :
أقول لكم من هذا المنبر:
– أن جميع حقوقكم مضمونة بعد التخلي بصفة نهائية عن التعاقد ودمجكم في وضعية نظامية،
– وأوكد لكم أن حقوقكم مضمونة ، لأن هذا النظام الأساسي يمنحكم الحفز طوال الحياة المهنية، كما يوفّرُ لكم الاستقرار المهني والأمن الوظيفي؛ والمساواة في جميع الاستحقاقات المهنية،
– إن النظام الأساسي الحالي قابل للمزيد من التعديلات التي من شأنها الارتقاء بوضعيتكم الإدارية و المادية و تجويد مساركم المهني عبر الحوار البناء والمثمر،
– أن الحوار يقتضي الالتزام بثقافة المسؤولية و في طليعتها احترام و الحفاظ على الزمن المدرسي، وتأمين الواجب المهني، وعدم تعريض الحق الدستوري للتلاميذ في التعليم للضياع.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات المستشارات المحترمات… السادة المستشارون المحترمون؛
إذا كان المحور الأول من أسئلتكم، والخاص بالأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية يتماشى مع طبيعة وتركيبة مجلسكم الموقر، و مع الأدوار المنوطة به، خاصة ما يهم تعزيز وتوطين البعد الجهوي، فإن المحور الثاني من أسئلتكم هو الآخر، يتقاطع بشدة مع اهتمامات جزء من مكونات مجلس المستشارين الذي يحضر في تركيبته الفاعلون الاجتماعيون الذين نعتبرهم، في الوزارة، شركاء لنا، وخاصة النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية.
وفي هذا الإطار، وبفضل إرادة هذه الوزارة وشركائها، استطعنا أن نعالج ملفات مطلبية ظلت مجمدة منذ سنوات وبادرنا لحل العديد منها انطلاقا من الفصل الأول من سنة 2018، حيث تمكنا من وضع تصور لِحلحلةِ 12 ملفا المتفق بشأنها مع شركائنا كما أعلن في بلاغ 25 فبراير 2019.
فبخصوص الفئة الأولى من الملفات والمتضمنة ل7 ملفات فقد تمت تسويتها ويتعلق الأمر ب :
الملف الأول: وضعية أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي، الذين سبق لهم أن كانوا معلمين والمحالين على التقـاعد قبل فاتح يناير 2006وأحيلوا على التقاعد برسم سنوات 2007 إلى غاية 2011؛
الملف الثاني: ترقية الحاصلين على ديبلومات جامعية من دول أجنبية، اجتازوا بنجاح المباريات المهنية برسم سنتي 2014 و2015 لولوج إطار أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي؛
الملف الثالث: ترقية الأطر الحاصلة على شهادة مهندس دولة بعد النجاح في المباريات المهنية برسم سنتي 2014 و2015؛
الملف الرابع: وضعية الأطر المرتبة في السلم 9 ، وقد شملت هذه العملية 4342 موظفة وموظفا؛
الملف الخامس: وضعية الموظفين الذين تم توظيفهم الأول في السلمين 7 و8 ومرتبون في السلم 10، وقد شملت هذه العملية 25.263 موظفة وموظفا ،
الملف السادس: الشروع في تسوية وضعية موظفي الوزارة حاملي شهادة الدكتوراه:
وقد عملت الوزارة السنة الفارطة على تنظيم مباريات التوظيف في إطار أستاذ مساعد للتعليم العالي، خصص لها 50 منصبا، على أن يتم تنظيم مباراة أخرى هذه السنة، خصص لها 200 منصبا ماليا ونأمل الرفع من هذه الوثيرة سنويا، علما بأنه يتم سنويا الترخيص للمعنيين بالأمر من أجل اجتياز المباريات المنظمة على صعيد باقي القطاعات والإستفادة من ولوج أسلاك تتماشى مع وضعياتهم الجديدة .
كما أن الوزارة أحالت ملف الموظفين المنتسبين لقطاع التربية الوطنية والحاصلين على شهادة الدكتوراه على لجنة النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين من أجل إحداث إطار أستاذ باحث بمشروع النظام الأساسي المذكور، لتولي مهام التنسيق والبحث التربوي.
الملف السابع : إصدار سنة 2018 المرسومين المحدثين لإطار “متصرف تربوي” وذلك من منطلق إيماننا بأن هذا الإطار هو الكفيل بتعزيز أدوار القيادة التربوية بمؤسساتنا التعليمية والارتقاء بها.
أما بخصوص الفئة الثانية، فتضم ملفان هما في المحطات الأخيرة للتسوية؛ ويتعلق الأمر بملف أطر الإدارة التربوية وملف أطر التوجيه والتخطيط التربوي.
فعلى مستوى ملف أطر الإدارة التربوية والذي سبق لي أن أعطيت وعدا بتسويته، فقد أعدت الوزارة مشروعي مرسومين يتعلقان بإعادة النظر في سلك تكوين أطر الإدارة التربوية. وتمت إحالتهما على وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة وتوصلت الوزارة بجواب يتضمن بعض الملاحظات والتي تمت دراستها وتم الاتفاق على التسوية النهائية لهذا الملف.
أما على مستوى ملف أطر التخطيط والتوجيه:
فقد عملت الوزارة على إعداد مشروع مرسومين ويتم التنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية من أجل المصادقة النهائية عليهما.
وهو الملف الذي حققت أيضا فيه الوزارة تقدما كبيرا، والذي، بات هو الآخر، يتيح لمتخرجيه الترتيب في السلم 11، بدل السلم 10 الذي كان معمولا به في السابق.
أما فيما يخص ملفات الفئة الثالثة، ويتعلق الأمر بالترقية بالشهادات والأساتذة المكلفين خارج سلكهم الأصلي والمساعدين الإداريين والتقنيين، فهي توجد في طور الدراسة، حيث تقدمت الوزارة بمقترحات تهدف إلى تجويد العرض الذي سبق لها تقديمه وأخذها بعين الاعتبار من طرف القطاعات الحكومية المعنية.
هذا، ويظل هناك ملف ذو طبيعة خاصة، وأعني به ملف النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي قطعنا مع شركائنا الاجتماعيين أشواطا مهمة في أفق إقراره وذلك من أجل تمْكين موظفي القطاع من نظام أساسي جديد يستجيب للتحولات التي شهدتها مهن التربية والتكوين ويحد من الفئوية المستشرية في المنظومة.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات المستشارات المحترمات… السادة المستشارون المحترمون؛
سنواصل جهودنا من أجل الارتقاء بالحوار الاجتماعي القطاعي متى توفرت الشروط الملائمة لذلك وأحسن دليل هو اللقاءات البناءة التي تمت يوم أمس استجابة لطلب بعض النقابات التعليمية والتي تم خلالها الاتفاق على عقد اجتماع آخر يوم الاثنين المقبل للشروع في تدارس مقترحات بخصوص تسوية الملفات المطروحة على طاولة الحوار.
ونؤكد مرة أخرى على الاستعداد التام للوزارة للحوار والعمل المشترك والمثمر مع النقابات الجادة والتي تسعى بالأساس إلى بناء الحلول الكفيلة بالارتقاء بوضعية جميع العاملين بالقطاع وكذا ضمان حق التلاميذ في التمدرس.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتوجه بعبارات التنويه والإشادة بالمجهودات الاستثنائية التي بذلها ولازالت يبذلها جميع الأطر التربوية والإدارية بدون استثناء من أجل ضمان الحق في التمدرس لبناتنا وأبنائنا خاصة في هذه الظرفية العصيبة التي نعيشها وكذا من أجل الارتقاء بمنظومتنا التربوية من خلال الانخراط في جميع مشاريع تنزيل مقتضيات القانون الإطار 51.17 ، وأغتنم هذه المناسبة لأدعوهم إلى المزيد من التعبئة، كما هو معهود فيهم، من أجل إنجاح المحطات المتبقية من الموسم الدراسي الحالي والتحضير الجيد للدخول المدرسي المقبل خدمة لمدرستنا المغربية وتفعيلا للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده والذي يولي عناية خاصة لمنظومتنا وكذا استجابة لانتظارات الشعب المغربي وخدمة لمصلحة وطننا العزيز.
التعليقات مغلقة.