أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

جلالة الملك يفتتح عمل البرلمان و يضع الجميع أمام مسؤوليات الإقلاع التنموي

الإعلامي المتخصص “م ـ ع”

 

بعد الاستقبال الملكي لأعضاء الحكومة الجديدة برآسة “عزيز أخنوش” و أدائهم اليمين الدستورية أمام جلالته إعلانا ببداية ممارستهم لمهامهم ، ألقى ، اليوم الجمعة ، جلالة الملك “محمد السادس” حفظه الله و نصره خطابا ساميا لنواب الأمة بمجلسي النواب و المستشارين ، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشر ، التي طغى عليها أجواء مواجهة بلادنا لوباء كورونا ،الذي اقتضى من جلالته مخاطبة النواب عبر وسائل التواصل عن بعد ، عبر تقنية البث المباشر و النقل عبر الإذاعة و التلفزة ، حيث نوه جلالته بالأجواء التي مرت منها الانتخابات الأخيرة و ما ميزها خاصة على مستوى الأقاليم الجنوبية ، موضحا الرؤية المولوية حول النموذج التنموي و الاستراتيجية التنموية المطلوبة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي و مواجهة تداعيات كورونا ، و تدبير الوضع الوبائي و الاقتصادي في ظل الجائحة و انعكاساتها القاتلة على مستوى الاقتصاديات العالمية و ضمنها المغرب ، الذي استطاع الصمود في وجهها و تحقيق نسبة نمو هامة متحديا ظروف الجائحة و التكاليف الباهظة التي تحملتها الدولة المغربية و التي تحسب بالملايير تحقيقا للأمن الصحي للمواطنين .

 

و هكذا فقد استهل جلالة الملك خطابه بتقييم تجربة الاستحقاقات النيابية الأخيرة ، مشيدا بالتنظيم الجيد و الأجواء الجيدة التي سادت العملية ، سواء من ناحية التنظيم الجيد الذي صاحب هاته الأجواء الإيجابية التي مرت فيها هاته الانتخابات ، مشيدا بالمشاركة المكثفة لساكنة الصحراء في هاته العملية .

 

مقاربة حاولت استلهام المعركة الانتخابية و الأجواء التي طبعتها ، و التي تميزت بمشاركة مكثفة لأبناء الصحراء عكست انخراطهم و توحدهم خلف كل المعارك الوطنية للتعبير عن مغربيتهم و تشبتهم بالوطن و بالعرش العلوي ، و مستوى الرقي الذي ساد العملية الانتخابية عبر مختلف أرجاء الوطن ، و التي عكست مستوى النضج و الوعي ليس بضرورة مرور العملية في سلم و سلام فقط ، و لكن أيضا في التعبير عن الارتباط بالوطن و الدود عن حماه من خلال تقديم تلك الصورة الرائعة التي واكبتها لجان المراقبة و التتبع لهاته العملية و أشادت بها مختلف وسائل الإعلام العالمية .

و قد اعتبر جلالته ما حصل أثناء هاته العمليات بانه انتصار للديمقراطية المغربية ، و لصورة المغرب ، لأن الرابح الأول و الأخير هو المغرب ، و ليس حزبا دون آخر .

 

و قد انتقل جلالته إلى تقديم سلم للأولويات الاستراتيجية سواء الداخلية منها من خلال ركوب قطار التحدي التنموي الداخلي ، و مجابهة رياح التحديات الخارجية التي تستهدف استقرار و وحدة المغرب .

 

مقدما ثلاث ركائز أساسية للانطلاقة التنموية المنتظرة ، أولها تعزيز مكانة المغرب و الدفاع عن قضاياه الوطنية الكبرى و مصالحه العليا مشددا على ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة تضمن مخزونا استراتيجيا من المواد الأولية ، و لا سيما الغذائية منها و الصحية و الطاقية ، و العمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية ، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد ، و هو ما نجح في تدبيره المغرب ، فيما فشلت العديد من الدول في تحقيقه  .

لقد أوضحت كورونا بما لا يدع مجالا للشك عن عجز المنظومة السلمية الكونية عن التفاعل مع واقع الأزمات و الانتكاسات ، و التي أسقطت هيبة أعثى النظم الاقتصادية العالمية ، فيما حافظ المغرب على توازنه الاستراتيجي في هاته المجالات الثلاث ، و هو ما جنبه الكثير من الآثار الهامشية التي عصفت بالعديد من الدول .

و البعد الثاني أجمله جلالة الملك “محمد السادس” نصره الله و أيده في خطابه ، في الجانب المتعلق بتذبير الأزمة الوبائية ، و مواصلة إنعاش الاقتصاد ، و هو ما استطاع المغرب إدارته بالقوة و الحكمة المطلوبتين ، سواء في مجالات حماية صحة المواطنين ، و تقديم الدعم للقطاعات و الفئات المتضررة ، إضافة إلى توفير اللقاحات بالمجان لعموم المواطنين ، و التي كلفت خزينة الدولة الملايير ، و توفير الحاجيات الضرورية لعموم المواطنين ، للتخفيف عن المواطن من صعوبة هذه المرحلة التي عصفت باقتصاديات العالم .

 

إشارة ملكية حملت الكثير من صور التحدي و ركوب المخاطر تحقيقا للإشباع لكافة المواطنين و ضمانا للأمن الصحي و تمكين كل فرد فرد من الحماية الصحية المطلوبة لإدارة المرحلة بالحكمة و المسؤولية المطلوبتين لبناء وطن متكامل قوي اقتصاديا ، مستقر سياسيا و اجتماعيا ، و متعافى صحيا .

 

و قد وقف جلالته على آفاق الاقتصاد الوطني ، حيث من المنتظر أن يحقق المغرب ، إن شاء الله ، نسبة نمو تفوق 5.5 في المائة سنة 2021 ، و هي نسبة لم تتحقق منذ سنوات ، و تعد من بين الأعلى ، على الصعيدين الجهوي و القاري ، و من المتوقع أن يسجل القطاع الفلاحي ، خلال هذه السنة ، نموا متميزا يفوق 17 في المائة ، بفضل المجهودات المبذولة لعصرنة القطاع ، و النتائج الجيدة للموسم الفلاحي ، يقول جلالة الملك ، مضيفا أن الصادرات قد حققت ارتفاعا ملحوظا ، في عدد من القطاعات ، كصناعة السيارات ، و النسيج ، و الصناعات الإلكترونية و الكهربائية ، ورغم تداعيات هذه الأزمة ، تتواصل الثقة في بلادنا ، وفي دينامية اقتصادنا ؛ كما يدل على ذلك ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، بما يقارب 16 في المائة ؛ وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ، بحوالي 46 في المائة،  إلى غاية شهر غشت الماضي ، وقد ساهمت هذه التطورات ، في تمكين المغرب من التوفر على احتياطات مريحة ، من العملة الصعبة ، تمثل سبعة أشهر من الواردات .

 

لقد حاول الخطاب الملكي السامي مقاربة الواقع العام من جوانبه المختلفة ، واقفا على عوامل مناعة و قوة الاقتصاد الوطني المرتبط أساسا بتشجيع الاستثمارات الخارجية ، في مجالات صناعة السيارات و الطائرات … و على موسم فلاحي جيد أنعش الميزان التجاري ، و هو ما مكنه من عناصر قوة دفعت به إلى الأمام كما بينت الأرقام المقدمة من طرف جلالته ، و تمكن بلادنا من التحكم في الوضع الاقتصادي على الرغم من التقلبات و الصعوبات التي تعرفها الأسواق العالمية ، و التي سجلت مستويات انحذارية خطيرة عصفت بأعثى الاقتصاديات ، لكن المغرب تجاوز كل تلك الآثار ، إذ تمكن من التحكم في نسبة التضخم ، التي بقيت في حدود 1 في المائة ، على عكس اقتصاديات عالمية عديدة و خاصة اقتصاديات دول المنطقة التي عرفت انهيارا في كل من الجزائر و تونس .

 

و تطرق جلالته إلى البعد الثالث و المتعلق بالدعوة لتنزيل للنموذج التنموي ، من خلال إطلاق مجموعة متكاملة من المشاريع ، و القيام بالعديد من الإصلاحات من الجيل الجديد ، مؤكدا على أن النموذج التنموي ليس مخططا للتنمية ، بمفهومه التقليدي الجامد ، و إنما هو إطار عام مفتوح للعمل ، يفتح آفاقا واسعة أمام الجميع ، معتبرا أن الميثاق الوطني من أجل التنمية، يعتبر آلية هامة لتنزيل هذا النموذج ؛ باعتباره التزاما وطنيا أمامنا ، و أمام المغاربة ، يقول جلالة الملك .

 

لقد شكل النموذج التنموي المعروض على أنظار جلالة الملك التحدي الأكبر لتحقيق الإقلاع الاقتصادي ، عبر القيام بالمشاريع الكبرى و المهيكلة ، و التي تنتظر التنزيل و المواكبة و المتابعة اللازمتين بالروح الوطنية الكبرى المطلوبة تحقيقا للتنمية و التنمية المستدامة و الإقلاع الاقتصادي المطلوب و الاستقرار الاجتماعي و السياسي المطلوبين من بوابة تحقيق الرفاه الشامل .

و ختم جلالته توجيهاته السامية بتذكير النواب و الحكومة بالمطلوب منهم عمليا من خلال وضع سلم أولويات و مشاريع مهيكلة ، خلال هاته الولاية ، و تعبئة كافة الوسائل الضرورية لتمويلها ، في إطار تنزيل هذا النموذج التنموي و استكمال إنجاز المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها ، و ضمنها الحماية الاجتماعية التي تحظى برعايتنا ، يقول جلالته ، و القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية ، طبقا لأفضل المعايير ، و في إطار خطة متكاملة تجمع القطاعين العام و الخاص ، و هو نفس المنطق ، الذي ينبغي تطبيقه ، في تنفيذ إصلاح المؤسسات و المقاولات العمومية ، و الإصلاح الضريبي ، و تعزيزه في أسرع وقت ممكن ، بميثاق جديد و محفز للاستثمار .

 

و بهذا المنحى يكون جلالة الملك أعزه الله ، قد وقف على أهم التحديات المطلوبة في مجال التنمية و ربح رهانها من خلال المشاريع الكبرى التي تخلق أدوات محفزة للاستثمار و حاضنة لثقة المستثمرين و موفرة لهم كل سبل المغامرة الرابحة و المضمونة النتائج ، و هو مسعى استراتيجي يروم المغرب بلوغه بإرادة عمل الجميع ، و قوة و صلابة المنظومة التشريعية و التنفيذية و تجاوز منطق تجزيء قطار الإقلاع في إطار خلق منظومة شراكة مهيكلة قادرة على تنزيل تلك الطموحات و جعلها واقعا معيشيا للأفراد ، و ضامنا لقوة تقهر كل التحديات الداخلية و الخارجية التي تعيق الوصول لتلك الأهداف  ، و هو ما حملته الدعوة الملكية السامية لإجراء إصلاح عميق للمندوبية  السامية للتخطيط ، لجعلها آلية للمساعدة على التنسيق الاستراتيجي لسياسات التنمية ، و مواكبة تنفيذ النموذج التنموي ، و ذلك باعتماد معايير مضبوطة ، و وسائل عمل حديثة للتتبع و التقويم و المواكبة .

 

و قد دعا جلالته في الختام الجميع للتحلي بروح المبادرة و الالتزام المسؤول المطلوبين للوصول لتحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية الكبرى .

التعليقات مغلقة.