تربطني علاقة أشبه بالإدمان مع المذياع وأستماع الإذاعات حتى اللحظة. نحن أطفال الثمانينات الذين تشكل وعينا من الأسرة والمدرسة والمسجد والمذياع. نحن شباب التسعينات الطواقين للكلمة واناشيد حب الوطن.
في كل يوم، كانت هناك حكاية جديدة ومايطلبه المستمعون وأتصالات ومشاركات التهاني وحكم وأقوال وطبيب الأسرة ومسابقات وجوائز. تشكل وعينا وفهمنا لكثير من أمور وقضايا الدين عبر برنامج فتاوي وعشقنا تلاوات القرآن بأصوات العديد من المشائخ وصلاة التراويح من إذاعة مكة المكرمة.
أمتزجت في أرواحنا وأجسادنا الغضة عذوبة التواشيح الدينية والأهازيج الشعبية وذوبنا عشقاً وهُياماً لاصالة وعراقة الأغنية اليمنية والعربية دون ضجيج اللا وعي وهبوط الذوق وتفسخ الحضور والظهور.
كان الراديو مصدر الأخبار لوالدي، حيث كانت إذاعة متكارلوا كل أخبار العالم ونشرة التاسعة من لندن. كان أذان الفجر شجياً ودفئاً لأرواحنا من أذاعة مكة المكرمة، وتكبيرات العيد والأفطار والسحور بمواقيت يبثها المذياع.
هذه قصة جميلة وخالدة لجيل السبعينات والثمانينات والتسعينات، حيث كان السلام يعم أرواحنا ويعم كل العالم والخبر من مصدره والشائعات لا وجود لها.
لقد غمرتنا الإذاعة بكل ما هو جميل ورائع ومفيد، حيث ظلت الكلمة تصدر من ذلك الجهاز من مذيع لا نعرف شكله ولا مظهره ولا عمره ولا أنتمائه. كل ما نعرفه أن الكلمة الجميلة تأسر القلوب والأُذن تعشق قبل العين في المذياع.
هي الأذاعة المحلية والعربية والعالمية رغم انتشار التكنولوجيا وظهور الشاشة والجوال ووسائل التواصل الاجتماعي، ظلت هي الرفيقة لأصحاب الذوق الأصيل والكلمة الجميلة القريبة الصادقة خبراً ووعياً وثقافة وسلاماً.
في اليوم العالمي للإذاعة، الذي يصادف 13 فبراير من كل عام، نكرر محبتنا وتهانيناً للأذاعة ولكل الذين عملوا ويعملوا في تلك الروح الجميلة. كل عام وأنتم بالف خير.
التعليقات مغلقة.