إنتخاب نفس الوجوه الحزبية تكرس ضعف المشاركة الانتخابية.

مع اقتراب  الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والجماعية والمهنية، المرتقب إجرؤها  خلال السنة الجارية، تتسابق المنظمات والجمعيات الزمن لتقديم مذكرات إلى وزارة الداخلية لإدماج مطالبها في القوانين المؤطرة للانتخابات بهدف توسيع نطاق مشاركة المواطنات والمواطنين، خاصة فئة الشباب والنساء.

وفي هذا الاتجاه قدمت جمعيتا “أوال حريات” و”التحدي للمساواة والمواطنة” مذكرة أكدتا فيها ضرورة تضافر جهود مختلف الفاعلين لغرس الثقة في الموطنين وللحد من العزوف في المشاركة الانتخابية  باعتباره عاملا يؤثر سلبا على المسار الديمقراطي في المملكة، موضحتين أن مواجهة هذا العزوف وضمان انخراط الجميع يقتضيان الاهتمام بالتصورات التي يقدمها المواطنون من أجل إيجاد أجوبة تفضي إلى معالجة الوضع.

وبلغة الأرقام فإن نسبة عزوف الموطنين على المشاركة في الانتخابات التشريعية، فمن أصل حوالي 24 مليون مواطن يبلغون سن التصويت، هناك فقط 16 مليونا مسجلون في اللوائح الانتخابية، بينما لا يتعدى عدد المصوّتين حوالي 7 ملايين ناخب، مليون منهم أدلوا بأوراق ملغاة، وفق المعطيات المتعلقة بالانتخابات التشريعية لسنة 2016.

وإذا كان السبب الذي يُبرَّر به عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات هو فقدان الثقة في العملية الانتخابية، فإن جمعيتي “أوال حريات” و”التحدي للمساواة والمواطنة” تعتقدان بأن فقدان الثقة الذي يُبعد الناخبين عن صناديق الاقتراع يرتبط بالإحساس المتجذر في نفوس المواطنين، بأن المرشحين والمنتخبين لا يتغيرون، وأن الآلية الانتخابية تُفرز إعادة انتخاب الأشخاص أنفسهم، مما يكرس لديهم الانطباع بأن المنتخبين “يملكون عقْد تسجيل وتحفيظ دوائرهم”.

وعلى مستوى المشاركة السياسية وتمثيلية النساء في البرلمان، أوضحت الجمعيتان أن المكتسبات المحققة في هذا المجال لا تزال ضعيفة، في الوقت الذي تتزايد مشاركة النساء في البرلمانات عبر العالم، رغم أن المغرب اعتمد، منذ سنة 2002 اللائحة الوطنية للقطع مع إقصاء النساء من الوصول إلى المؤسسة التشريعية.

وبالرغم من أن المغرب أعطى للمرأة أهمية كبرى لوج مراكز القرار، فقد سجّلت المذكرة أن هذا التقدم “يتم ببطء كبير مقارنة مع مجموعة من دول المعمور”، مشيرة إلى أن نسبة الـ20.5 بالمائة التي تمثلها النساء من مجموع أعضاء البرلمان تجعل المغرب يحتل الرتبة 114 على مستوى تمثيلية النساء في المجالس التشريعية، حسب الترتيب الدولي للبرلمانات.

وبالأرقام، انتقلت نسبة النساء البرلمانيات في المغرب من 17 بالمائة، سنة 2011 إلى 20.5 بالمائة بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2016، غير أنه، وبالرغم من هذا التقدم، فإن المملكة لم تبلغ بعد المعدل العالمي الذي يصل إلى 25.6 بالمائة، بل إن المغرب يحتل رتبة أدنى من الدول الإفريقية جنوب الصحراء، التي يصل معدل تمثيلية النساء في برلماناتها إلى 25.1 بالمائة.

وعلى مستوى الجماعات الترابية، سجلت المذكرة ذاتها انتخاب 6637 امرأة خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2015، مما جعل النساء يمثلن نسبة 21.18 بالمائة من مجموع المنتخبين، غير أن النساء لا يرأسن سوى 1 بالمائة من الجماعات، بينما لم ترأس أي امرأة أحد المجالس الجهوية إلا بعد منتصف الولاية الحالية، لتعويض رئيسين تمت تنحيتهما، رغم أن 37 بالمائة من أعضاء مجالس الجهات نساء.

ولتجاوز تحدِّييْ العزوف عن المشاركة في الانتخابات وضعف تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبة، دعت الجمعيتان في مذكرتهما إلى توسيع مسلسل التشاور حول القوانين الانتخابية، بإدماج الجمعيات العاملة في مجال المواطنة والمشاركة السياسية للنساء، والجمعيات العاملة في مجال حقوق الشبان والشابات.

كما أكدتا على ضرورة فتح نقاش عمومي مع المواطنين  لمعرفة  أسباب العزوف الانتخابي، وجعله “جذابا ودامجا لمجموع مكونات الناخبين والناخبات، ومختلف مكونات المجتمع، وإعتماد استراتيجيات تشاركية للتغلب على العزوف، والنهوض بالتربية على المواطنة من خلال الإعلام، من أجل تملك الحقوق والواجبات المنصوص عليها في دستور المملكة”.

التعليقات مغلقة.