الانتخابات و إفرازاتها الفضح و الفضح المضاد و تستمر اللعب

بقلم :محمد حميمداني

 

هدد حزب العدالة و التنمية بالكشف عما أسماه “فضائح كبرى” في تدبير الشأن المحلي و تعرية مفاتيح ملفات ذات طبيعة “حساسة” عثر عليها خلال إدارته لشؤون العديد من الجماعات خاصة بالمدن الكبرى بعد انتخابات 2015 ، يأتي كل ذلك وسط لقاءات وصفت بالإيجابية من أجل تشكل الحكومة المقبلة ، و لو أن “التراكتور” يبقى خارج لعبة التحالفات و ركونه لقيادة المعارضة للمرة الثانية على التوالي ، فيما اعتبرت وسائل الإعلام العالمية هزيمة حزب “العدالة و التنمية” ب “المذلة” .

و هكذا فبعد الخسارة الانتخابية المهولة التي مني بها حزب “المصباح” أمام حزب “الحمامة” و حالة العزلة التي وجد نفسه فيها على صعيد بناء حتى التحالفات المحلية و الجهوية و على صعيد مجالس العمالات كما وقع في الدار البيضاء ، و إحساس الحزب بحصول تحالف كبير لإسقاطه قبيل الانتخابات ، فقد انتقل لمرحلة تفكيك ما يمكن تفكيكه من هاته التحالفات و محاولة استرجاع ماء الوجه المفقود خلال هاته الاستحقاقات .

و من هنا فقد هدد الحزب بأن يعمل تباعا على تفجير ملفات هي من مخلفات التدبير الجماعي لمنافسيه و التي وقعت بين يديه خلال فترة اكتساحه للمجالس الجماعية خاصة بالمدن الكبرى من قبيل الدار البيضاء ، مراكش ، طنجة ، أكادير ، فاس ، مكناس ، الرباط و سلا ، إضافة إلى جماعات أخرى ، و هي جماعات كانت تدار من قبل أحزاب “الاتحاد الدستوري”، “الأصالة و المعاصرة” و “الاستقلال” .

الحزب كشف أنه سيعري واقع التدبير الجماعي لوجوه عادت لإدارة الشؤون العامة ، و الكشف عما أسماه بوجود “صفقات فساد عمومية و اغتناء بعض المستشارين الذين عادوا لمناصب المسؤولية”.

تصريحات لا تخرج عن لغة “العفاريت و الطحالب” التي استعملها “بنكيران” خلال الفترة النيابية الأولى التي أوصلت “المصباح” لدفة الحكم ، و حديثه عن “محاربة الفساد و الريع” ليصبح الحزب لاحقا جزءا لا يتجزأ من هاته المنظومة و لو بالتغاضي و طمس الحقائق و إغماض العين في التصدي لها و تعريتها إن لم نقل المتابعة فيها ، ليعود الآن و بعد الهزيمة النكراء التي مني بها شعبيا لإحياء الميت عبر العزف على وتر بال و غير ذي نفع و لا نقع على قول المثل العربي “جدول يخرخر و نهر ثرثار تقطعه غير خالع نعليك” ، لأن أي متابع مهتم لن تنطلي عليه حيلة الخطاب ، علما أن حزب “المصباح” أجاز هاته العمليات ، إن وجدت ، من خلال تسلمه سلطات إدارة هاته الجماعات ، و بالتالي فقد ساهم في كل ما يتهم به الآخرين اليوم و أصبح شريكا فعليا في الادعاء و لو بالصمت إلى حين إن وجد طبعا .

في ظل هذا “الشخير المصباحي” تسير خطوات تشكيل الحكومة المقبلة بناء على النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع بخطوات متسارعة و قد ترى النور قبيل انعقاد الدورة الافتتاحية لمجلس النواب الجديد ، و في هذا الصدد شهدت سوق المشاورات عقد “أخنوش” رئيس الحكومة المعين إجراء عدة لقاءات جمعته بكل من “نزار بركة” الأمين العام لحزب “الميزان” ، و الذي أكد استعجاله عقد المجلس الوطني للحزب للمصادقة على عرض “أخنوش” ، فيما اعتبر “عبد اللطيف وهبي” الأمين العام لحزب “التراكتور” أن أجواء اللقاء الذي تم مع “أخنوش” بحضور “المنصوري” كانت بناء ، مشيرا إلى أنه يجب التمييز بين خطاب الحملات الانتخابية و خطاب ما بعد الانتخابات ، ردا على تصريحاته المثيرة للجدل ، و هي نفس المواقف التي عبر عنها الأمناء العامون لأحزاب “الحصان” و “السنبلة” و الكاتب الأول لحزب “الوردة” .

و كان “رشيد الطالبي العلمي” العضو القيادي بحزب “الحمامة” الفائز في الانتخابات المغربية الأخيرة ، قد قال يومه السبت الفارط ، إن مشاورات تشكيل الحكومة المغربية ستنطلق يومه الاثنين المقبل .

و في السياق ذاته من المنتظر أن يتم عقد لقاء برآسة “سعد الدين العثماني” ، يومه الأربعاء ، مع “عزيز أخنوش” رئيس الحكومة المكلف لتدارس الآفاق الحكومية المقبلة في ظل الوضع الجديد و في إطار مواصلة المشاورات الحكومية التي انطلقت أمس الاثنين باستقبال خمسة أحزاب الأولى .

و في السياق ذاته من المرتقب أن يستقبل “أخنوش” ، رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” ، يوم غد الأربعاء ، قادة باقي الأحزاب الممثلة في البرلمان و ضمنها حزب “الكتاب” .

و كانت وسائل الإعلام العالمية قد تابعت مجريات العملية الانتخابية المغربية ، حيث وصفت قناة “سكاي نيوز عربية” هزيمة حزب “العدالة و التنمية” في الانتخابات المغربية ب “المدوية” ، مشيرة إلى أنها أسقطت آخر تجربة للإخوان بعدما فقد معظم مقاعده في مجلس النواب ، مندحرا من المركز الأول الذي احتفظ به طيلة عشر سنوات ، إلى المرتبة الثامنة بـعد حصوله على 13 مقعدا فقط ، معتبرة أن هاته الهزيمة حملت سقوط آخر معاقل ما يعرف بتيارات “الإسلام السياسي ، في الدول العربية ، و محاسبة للحزب على خلفية ما اعتبروها “حصيلة مخجلة” في تسيير الحكومة منذ انتخابات 2011.

إعلاميون وصفوا الهزيمة الانتخابية للمصباح ب “المذلة” بعد 10 سنوات من تزعمه المشهد السياسي المغربي بعد خسارته أكثر من 90 % من مقاعده في البرلمان و فشل زعيمه في ضمان مقعده النيابي و احتلاله المرتبة الخامسة في دائرته أمام مرشحين مغمورين و سقوطه سقطة مميتة أمام أحد هؤلاء المرشحين المغمورين  .

من جهاتها وصفت قناة “الميادين” هزيمة حزب “العدالة و التنمية” في المغرب بالمدوية مؤكدة أنها كانت متوقعة، ولكن ليس بهذا الحجم، مشيرة  إلى أن لا أحد كان يتوقع أن ينزل الحزب بهذه السرعة إلى مرتبة دنيا في النتائج ، بعد أن كان القوة السياسية رقم واحد في البلاد خلال العقد الأخير من القرن الحالي ، مذكرة بالسياق التاريخي الذي أوصل الحزب للحكم خلال سنة 2011 ، في ظل متغيرات دولية و إقليمية و رفعه شعار “محاربة الفساد و الاستبداد” في حملته الانتخابية ، و وعده بالقطع مع سياسة الريع ، و تحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 7% ، بيد أنه أخلف وعده ، إذ إنه لم يحارب لا الفساد و لا “الاستبداد” ، بل استبدل كل ذلك بعبارة “عفا الله عما سلف” ، و لم يحقق النمو الاقتصادي الموعود ، و على العكس من ذلك لجأ الحزب إلى سن سياساتٍ غير شعبيةٍ ، استهدفت جيوب الطبقاتِ المتوسطةِ و الفقيرةِ ، عبر إلغاء صندوق المقاصة المتعلق برفع الدعم عن المواد النفطية و تركِهَا من دون سقف ، ما سمح للشركات المستوردة للنفط بتحقيق هامش ربحٍ خياليٍ برفع أسعار الوقود ، إضافة إلى تطبيع رئيس الحكومة “سعد الدين العثماني” مع العدو الصهيوني ، رغم أن القضية الفلسطينية و الدفاع عنها كانا يشكلان أهم ثوابت الحزب.

وضع عام ارتد على الحزب و هشم علاقاته حتى بقواعده التي كان يعرف عنها انضباطها الفولاذي للتنظيم ، لكنها و أمام وضع الترهل فضلت معاقبة الحزب على خياراته ، و هو الأمر الذي دفع أعضاء الأمانة العامة للحزب إلى تقديم استقالتهم الجماعية ، مما يؤشر على أن صراعٍا وشيكِ الحدوث بين تيارات الحزب المختلفة ، قد تقذف بقيادات شابة إلى واجهة المشهد السياسي بالحزب .

قناة “الجزيرة” القطرية من جهة أخرى اعتبرت الهزيمة سقوطا لآخر قلاع الإسلاميين العرب ، متسائلة ،لماذا انتهى حكم العدالة و التنمية المغربي بهزيمة قاسية ؟

معتبرة أن الحزب دخل الانتخابات بسلسة من “خيبات” الأمل و عشرات المواقف السياسية التي نالت من شعبيته و التي أفقدته صفة الكبار ، واصفة الوضع بالانهيار الكبير بعد أفراح 7 أكتوبر 2016 ، و حصول “البلوكاج” الذي أتى ب “العثماني” لقيادة الحكومة المغربية و الحزب معا و انحدار شعبية قادة الحزب كما وقع لكل من “سعد الدين العثماني” رئيس الحكومة ، و”إدريس الأزمي” رئيس برلمان الحزب ، عازية هذا الوضع إلى ما هو داخلي بعد إعفاء “بنكيران” من تشكيل الحكومة و ما صاحبه من حصول انقسام حاد داخل الحزب ، و عجزه عن إدارة الملفات الكبرى بالمغرب ، و تمرير قانون “فرنسة التعليم” ، رغم قدرة فريق الحزب البرلماني على منعه ، و تبرير قيادات الحزب لمشروع تقنين زراعة مخدر الكيف ، إضافة إلى التطبيع مع “إسرائيل” الذي عدته ضربة قاصمة لشعبية حزب طالما جهر بتوجهاته الإسلامية ، و تراجع الحزب عن  محاربة “الفساد و الاستبداد” ، و هو ما عكسته “آمنة ماء العينين” ، ، حيث قالت عبر تدوينة لها بحسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ، إن الناخبين شعروا بتخلي الحزب عن المعارك الحقيقية و عن دوره السياسي حيث طغى عليه التردد و الصمت و الانسحاب السلبي.

صحيفة “نيويورك تايمز” قالت إن الناخبين لمسوا أن حزب “العدالة و التنمية” لم يعد يملك الكلمة فيما يتعلَق بالسياسات الكبرى ، مشيرة إلى أن فترة الأزمة الصحية جراء “كورونا” أكدت للجميع أن الإسلاميين لا يملكون أي مساحة للقرار و بقي “العثماني” و حزبه ، مثلهم مثل باقي الشعب ، ينتظرون القرارات لتطبيقها .

هدد حزب العدالة و التنمية بالكشف عما أسماه “فضائح كبرى” في تدبير الشأن المحلي و تعرية مفاتيح ملفات ذات طبيعة “حساسة” عثر عليها خلال إدارته لشؤون العديد من الجماعات خاصة بالمدن الكبرى بعد انتخابات 2015 ، يأتي كل ذلك وسط لقاءات وصفت بالإيجابية من أجل تشكل الحكومة المقبلة ، و لو أن “التراكتور” يبقى خارج لعبة التحالفات و ركونه لقيادة المعارضة للمرة الثانية على التوالي ، فيما اعتبرت وسائل الإعلام العالمية هزيمة حزب “العدالة و التنمية” ب “المذلة” .

و هكذا فبعد الخسارة الانتخابية المهولة التي مني بها حزب “المصباح” أمام حزب “الحمامة” و حالة العزلة التي وجد نفسه فيها على صعيد بناء حتى التحالفات المحلية و الجهوية و على صعيد مجالس العمالات كما وقع في الدار البيضاء ، و إحساس الحزب بحصول تحالف كبير لإسقاطه قبيل الانتخابات ، فقد انتقل لمرحلة تفكيك ما يمكن تفكيكه من هاته التحالفات و محاولة استرجاع ماء الوجه المفقود خلال هاته الاستحقاقات .

و من هنا فقد هدد الحزب بأن يعمل تباعا على تفجير ملفات هي من مخلفات التدبير الجماعي لمنافسيه و التي وقعت بين يديه خلال فترة اكتساحه للمجالس الجماعية خاصة بالمدن الكبرى من قبيل الدار البيضاء ، مراكش ، طنجة ، أكادير ، فاس ، مكناس ، الرباط و سلا ، إضافة إلى جماعات أخرى ، و هي جماعات كانت تدار من قبل أحزاب “الاتحاد الدستوري”، “الأصالة و المعاصرة” و “الاستقلال”.

الحزب كشف أنه سيعري واقع التدبير الجماعي لوجوه عادت لإدارة الشؤون العامة ، و الكشف عما أسماه بوجود “صفقات فساد عمومية و اغتناء بعض المستشارين الذين عادوا لمناصب المسؤولية”.

تصريحات لا تخرج عن لغة “العفاريت و الطحالب” التي استعملها “بنكيران” خلال الفترة النيابية الأولى التي أوصلت “المصباح” لدفة الحكم ، و حديثه عن “محاربة الفساد و الريع” ليصبح الحزب لاحقا جزءا لا يتجزأ من هاته المنظومة و لو بالتغاضي و طمس الحقائق و إغماض العين في التصدي لها و تعريتها إن لم نقل المتابعة فيها ، ليعود الآن و بعد الهزيمة النكراء التي مني بها شعبيا لإحياء الميت عبر العزف على وتر بال و غير ذي نفع و لا نقع على قول المثل العربي “جدول يخرخر و نهر ثرثار تقطعه غير خالع نعليك” ، لأن أي متابع مهتم لن تنطلي عليه حيلة الخطاب ، علما أن حزب “المصباح” أجاز هاته العمليات ، إن وجدت ، من خلال تسلمه سلطات إدارة هاته الجماعات ، و بالتالي فقد ساهم في كل ما يتهم به الآخرين اليوم و أصبح شريكا فعليا في الادعاء و لو بالصمت إلى حين إن وجد طبعا .

في ظل هذا “الشخير المصباحي” تسير خطوات تشكيل الحكومة المقبلة بناء على النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع بخطوات متسارعة و قد ترى النور قبيل انعقاد الدورة الافتتاحية لمجلس النواب الجديد ، و في هذا الصدد شهدت سوق المشاورات عقد “أخنوش” رئيس الحكومة المعين إجراء عدة لقاءات جمعته بكل من “نزار بركة” الأمين العام لحزب “الميزان” ، و الذي أكد استعجاله عقد المجلس الوطني للحزب للمصادقة على عرض “أخنوش” ، فيما اعتبر “عبد اللطيف وهبي” الأمين العام لحزب “التراكتور” أن أجواء اللقاء الذي تم مع “أخنوش” بحضور “المنصوري” كانت بناء ، مشيرا إلى أنه يجب التمييز بين خطاب الحملات الانتخابية و خطاب ما بعد الانتخابات ، ردا على تصريحاته المثيرة للجدل ، و هي نفس المواقف التي عبر عنها الأمناء العامون لأحزاب “الحصان” و “السنبلة” و الكاتب الأول لحزب “الوردة” .

و كان “رشيد الطالبي العلمي” العضو القيادي بحزب “الحمامة” الفائز في الانتخابات المغربية الأخيرة ، قد قال يومه السبت الفارط ، إن مشاورات تشكيل الحكومة المغربية ستنطلق يومه الاثنين المقبل.

و في السياق ذاته من المنتظر أن يتم عقد لقاء برآسة “سعد الدين العثماني” ، يومه الأربعاء ، مع “عزيز أخنوش” رئيس الحكومة المكلف لتدارس الآفاق الحكومية المقبلة في ظل الوضع الجديد و في إطار مواصلة المشاورات الحكومية التي انطلقت أمس الاثنين باستقبال خمسة أحزاب الأولى .

و في السياق ذاته من المرتقب أن يستقبل “أخنوش” ، رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” ، يوم غد الأربعاء ، قادة باقي الأحزاب الممثلة في البرلمان و ضمنها حزب “الكتاب”.

و كانت وسائل الإعلام العالمية قد تابعت مجريات العملية الانتخابية المغربية ، حيث وصفت قناة “سكاي نيوز عربية” هزيمة حزب “العدالة و التنمية” في الانتخابات المغربية ب “المدوية” ، مشيرة إلى أنها أسقطت آخر تجربة للإخوان بعدما فقد معظم مقاعده في مجلس النواب ، مندحرا من المركز الأول الذي احتفظ به طيلة عشر سنوات ، إلى المرتبة الثامنة بـعد حصوله على 13 مقعدا فقط ، معتبرة أن هاته الهزيمة حملت سقوط آخر معاقل ما يعرف بتيارات “الإسلام السياسي ، في الدول العربية ، و محاسبة للحزب على خلفية ما اعتبروها “حصيلة مخجلة” في تسيير الحكومة منذ انتخبات 2011.

إعلاميون وصفوا الهزيمة الانتخابية للمصباح ب “المذلة” بعد 10 سنوات من تزعمه المشهد السياسي المغربي بعد خسارته أكثر من 90 % من مقاعده في البرلمان و فشل زعيمه في ضمان مقعده النيابي و احتلاله المرتبة الخامسة في دائرته أمام مرشحين مغمورين و سقوطه سقطة مميتة أمام أحد هؤلاء المرشحين المغمورين  .

من جهاتها وصفت قناة “الميادين” هزيمة حزب “العدالة و التنمية” في المغرب بالمدوية مؤكدة أنها كانت متوقعة ، و لكن ليس بهذا الحجم ، مشيرة إلى أنلا أحد كان يتوقع أن ينزل الحزب بهذه السرعة إلى مرتبة دنيا في النتائج ،بعد أن كان القوة السياسية رقم واحد في البلاد خلال العقد الأخير من القرن الحالي، مذكرة بالسياقالتاريخي الذي أوصل الحزب للحكم خلال سنة 2011 في ظل متغيرات دولية وإقليمية ورفعه شعار “محاربة

الفساد و الاستبداد” في حملته الانتخابية ، و وعده بالقطع مع سياسة الريع ، و تحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 7% ، بيد أنه أخلف وعده ، إذ إنه لم يحارب لا الفساد و لا “الاستبداد” ، بل استبدل كل ذلك بعبارة “عفا الله عما سلف” ، و لم يحقق النمو الاقتصادي الموعود ، و على العكس من ذلك لجأ الحزب إلى سن سياساتٍ غير شعبيةٍ ، استهدفت جيوب الطبقاتِ المتوسطةِ و الفقيرةِ ، عبر إلغاء صندوق المقاصة المتعلق برفع الدعم عن المواد النفطية و تركِهَا من دون سقف ، ما سمح للشركات المستوردة للنفط بتحقيق هامش ربحٍ خياليٍ برفع أسعار الوقود ، إضافة إلى تطبيع رئيس الحكومة “سعد الدين العثماني” مع العدو الصهيوني ، رغم أن القضية الفلسطينية و الدفاع عنها كانا يشكلان أهم ثوابت الحزب .

وضع عام ارتد على الحزب و هشم علاقاته حتى بقواعده التي كان يعرف عنها انضباطها الفولاذي للتنظيم ، لكنها و أمام وضع الترهل فضلت معاقبة الحزب على خياراته ، و هو الأمر الذي دفع أعضاء الأمانة العامة للحزب إلى تقديم استقالتهم الجماعية ، مما يؤشر على أن صراعٍا وشيكِ الحدوث بين تيارات الحزب المختلفة ، قد تقذف بقيادات شابة إلى واجهة المشهد السياسي بالحزب .

قناة “الجزيرة” القطرية من جهة أخرى اعتبرت الهزيمة سقوطا لآخر قلاع الإسلاميين العرب ، متسائلة ، لماذا انتهى حكم العدالة و التنمية المغربي بهزيمة قاسية ؟

معتبرة أن الحزب دخل الانتخابات بسلسة من “خيبات” الأمل و عشرات المواقف السياسية التي نالت من شعبيته و التي أفقدته صفة الكبار ، واصفة الوضع بالانهيار الكبير بعد أفراح 7 أكتوبر 2016 ، و حصول “البلوكاج” الذي أتى ب “العثماني” لقيادة الحكومة المغربية و الحزب معا و انحدار شعبية قادة الحزب كما وقع لكل من “سعد الدين العثماني” رئيس الحكومة ، و”إدريس الأزمي” رئيس برلمان الحزب ، عازية هذا الوضع إلى ما هو داخلي بعد إعفاء “بنكيران” من تشكيل الحكومة و ما صاحبه من حصول انقسام حاد داخل الحزب ، و عجزه عن إدارة الملفات الكبرى بالمغرب ، و تمرير قانون “فرنسة التعليم” ، رغم قدرة فريق الحزب البرلماني على منعه ، و تبرير قيادات الحزب لمشروع تقنين زراعة مخدر الكيف ، إضافة إلى التطبيع مع “إسرائيل” الذي عدته ضربة قاصمة لشعبية حزب طالما جهر بتوجهاته الإسلامية ، و تراجع الحزب عن  محاربة “الفساد و الاستبداد” ، و هو ما عكسته “آمنة ماء العينين” ، ، حيث قالت عبر تدوينة لها بحسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ، إن الناخبين شعروا بتخلي الحزب عن المعارك الحقيقية و عن دوره السياسي حيث طغى عليه التردد و الصمت و الانسحاب السلبي .

صحيفة “نيويورك تايمز” قالت إن الناخبين لمسوا أن حزب “العدالة و التنمية” لم يعد يملك الكلمة فيما يتعلَق بالسياسات الكبرى ، مشيرة إلى أن فترة الأزمة الصحية جراء “كورونا” أكدت للجميع أن الإسلاميين لا يملكون أي مساحة للقرار و بقي “العثماني” و حزبه ، مثلهم مثل باقي الشعب ، ينتظرون القرارات لتطبيقها .

وضع عام تميز بالتردي الشامل مما جعل “بنكيران” يحمل القيادة المسؤولية و هو نفس المنحى الذي سارت عليه ” آمنة ماء العينين” ،  و التي اعتبرت بأن القيادة الحالية أصغر من الحزب و دون تطلُّعاته .

“عزيز رباح” ، وزير الطاقة ، الذي خرج عن صمته ، ليقتل لغة الصمت التي لازمت أصدقاء “العثماني” قدم الاعتذار بعد سنوات الوزارة ، معبرا عن دهشته و صدمته من عدد المقاعد التي تحصل عليها حزبه ، قائلا “لا أجد أي تفسير لهذه النتائج الكارثية ، لو احتسبنا فقط الأعضاء و المتعاطفين و أُسرهم و الأقرباء و الأصدقاء و الجيران و بعض الموظفين الذين جرَبونا ، و بعض المقتنعين بعملنا و جهدنا و نزاهتنا ، لو احتسبنا هذا فقط لكنا في الرتب الأولى بامتياز” ، رثاء لواقع حال مريض أبعد التعامل بالنقد مع السياسات الكارثية التي نهجها الحزب إلى التعاطي الأخلاقي و القبلي و العشائري و الملي من موقع الجهاد القبلي لا من موقع الجهاد المجتمعي ضد الفقر و الظلم و الاضطهاد.

فاز حزب “التجمع الوطني للأحرار” بقيادة الملياردير “عزيز أخنوش” ، و كلف بتشكيل حكومة لن يجد أية صعوبة في وضع لبناتها انطلاقا مما أفرزته نتائج الانتخابات ، حيث يحتاج فقط إلى 198 مقعدا للحصول على الأغلبية ، و هو رقم ميسر الحصول من خلال سلسلة تحالفات ممكنة مع حزب “الاستقلال”  و أي حزب آخر لضمان الأغلبية ، دون حاجة حتى لتعزيز هاته الأغلبية بحزب رابع ، فيما يبقى تحالف “اخنوش” و “البام” مستبعدا بعد التصريحات النارية التي أطلقها “عبد اللطيف وهبي” أمينه العام و التي قال فيها إنه يريد العمل “مع أخنوش” لا “عند أخنوش” ، و هو ما يجعله بالمحصلة قطب المعارضة الرئيسي بالمجلس النيابي و للمرة الثانية على التوالي.

التعليقات مغلقة.