فرنسا: الديمقراطية “الشعبوية” هي القوة الجادة في السياسة الانتخابية!!

مراكش : السعيد الزوزي  

إذا كانت ديمقراطية اليوم تعلمنا أي درس، فهي لا تقلل من شأن “الشعبوية”، الإهانة، والاستهزاء بها، والعذر لها، وعدم وجود برنامج لها، لكنها قوة جادة في السياسة الإنتخابية؛ في فرنسا، دخلت “مارين لوبان “في المنافسة على الرئاسة، في وقت سابق من هذا الشهر؛ اجتاحت المجر المستبدة “فيكتور اوربان”، مجلس الإدارة؛ في روسيا، و إن كان ذلك في ظروف عصيبة، يحتفظ “فلاديمير بوتين” بقبضة وطنية على الرأي، في الولايات المتحدة الأمريكية يرفض “دونالد ترامب” الاختفاء، هؤلاء الأفراد ليسوا متشابهين بأي حال من الأحوال، لكنهم يتحدثون نفس الرسالة.

الرسالة هي أن الشخصية والهوية تحل محل الحزب، مع ارتفاع الرخاء النسبي، يلجأ الناخبون إلى التحيز والأمن العاطفي، يمكنهم عدم الثقة في الغرباء، يمكنهم أن يكرهوا العولمة والبرلمانيين والبيروقراطيين والليبراليين مهما كان تعريفهم، إنهم يريدون أن يشعروا بالسيطرة على حياتهم، كما فعل البريطاني “بوريس جونسون” بسخرية، ولكنه نجح في تقديمه لهم في شكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إنهم يريدون ان يحبوا أولئك الذين يزعمون أنهم يقودونهم.

مزقت هذه “الشعبوية”، طيف اليسار واليمين، وصل” ايمانويل ماكرون” إلى السلطة قبل خمس سنوات باعتباره دخيلا جذريا، لقد حطم النظام الحزبي في فرنسا، سجل الحزبان القديمان أقل من عشرة في المئة في هذه الانتخابات، لقد اثبت أنه مصلح حازم، وحتى جريء، للاقتصاد السياسي القديم في فرنسا، حيث قام بتحديث دولة الرفاهية وتخفيف الجمود العمالي حيث فشل اسلافه.

لقد حددت ” لوبان”  اليمينية المتطرفة نفسها مع الفقراء ،مع تعهدات متهورة بينزين أرخص، وضرائب أعلى على الاغنياء، وضرائب أقل على الفقراء، إنها تريد استبعاد المهاجرين من الرعاية الاجتماعية وتحدي الاتحاد الأوروبي، لقد صورت ” ماكرون” على أنه شخص مطلع، وتجسيدا لعدم الحساسية الباريسية اتجاه فرنسا الإقليمية ، ورجل نبيل نخبوي كلاسيكي.

من عيوب الدساتير الرئاسية تعزيز الشخصية على السياسة، إنه يعطي علاوة على فظاظة السياسة، على الجاذبية ، السذاجة والمدى القصير ،كما قال إنه يروج للغوغاء على النادي.عندما يتم ،حل الاحزاب، يتم كذلك حل انضباط الحكومة البرلمانية، تصبح البيانات بلا معنى ،الكفاءة لا تزيد عن تجاوز الأزمة القادمة ،تنحصر المسؤولية الجماعية في الولاء لقائد وصورة ،شاهد بريطانيا ” جونسون”.

يمكن للرومانسيين أن يجدوا في كل هذا بصيصا لسياسة جديدة ، اكثر استجابة للرأي العام ،يتم تلخيصها احيانا على أنها “القرية العالمية للانترنيت” ،ديمقراطية النظام الأساسي غير الخاضع للاشراف من نواح عديدة ،كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو اوضح مظاهره ،صرخة احتجاج ضد النخبة الحاكمة الاكثر مركزية في اوروبا ،لم تجرؤ أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي منذ ذلك الحين على إجراء مثل هذا الاستفتاء وحتى ” لوبان” تراجعت عنه، كما هو الحال مع “ترامب” في الولايات المتحدة الأمريكية، امنح الناخبين فرصة لقول الحقيقة العارية للسلطة وقد يستخدمونها .

لقد مرت ست سنوات منذ أن سجل مسح القيم العالمي تراجعا حادا في الايمان بالديمقراطية، أقل من نصف الذين تقل اعمارهم عن خمسين عاما “يعتقدون أنه من الضروري العيش في بلد يحكم ديمقراطيا”.

في ألمانيا والولايات المتحدة واليابان، سيختار ما بين 20٪ و 40٪  “زعيما قويا لايهتم بالرلمانات والانتخابات”، يجب أن تواجه السياسة التقليدية هذه الحقائق أو تموت ، يجب احترام هوية المجموعة بطريقة ما وإلا ستصبح الهجرة في جميع أنحاء العالم عذابا، يجب تثبيت الفيدرالية وإلا ستؤدي النزعة الانفصالية إلى زعزعة استقرار الدول في كل مكان.

يجب على البرلمانات والاحزاب إصلاح عملياتها أو أن تصبح غير ذات صلة ، لاتزال الاحتمالات قائمة على أن تنقد فرنسا نفسها في غضون أسبوعين، لكن دروسها واضحة ليراها الجميع .

التعليقات مغلقة.