المرأة أولا، والشعر ثانيا ،مقال نثري

بقلم الشاعر حامد الشاعر

هناك تزاوج عجيب بين الشعر بمفهومه الشمولي والمرأة كأنثى ساحرة بمعناها المثالي،
الشعر يحتفي بنفسه من خلال الاحتفال والتغني بجمال المرأة ودلالها، والجنة يفوح نسميها دائما في فصل الربيع، و عيد الشعر في أوله، وعرسه في آخره.

المرأة ذلك الفردوس الذي يتماهى معه الشعر، ولا يدخل هذا المقام العالي إلا كل شهيد ارتمى في احضانها ولا يحق التباهي بهذا الشيء الرفيع إلا لمن ملك ناصية القلم، وحاز مدادا يسيل بغزارة وطلاقة، ويبوح بمكنونه كلما ينوح.

الشعر ملحمة أسطورية، بالمرأة يزهو و يزدهي و يزهر و يثمر طول الليالي، وحتى في بعده الخيالي و الخرافي يفر من نفسه إليها، ولا يجد حلاوة وطلاوة في أعماق نفسه إلا من خلال خوض تجربة الحب الرومانسي، وبذاته وصفاته يقيم شهر عسل، وفي كل يوم منه يحب البناء والغناء وعيش الهناء، هي الشمس التي لها الضياء والقمر المتناغم مع الهالة والسحر والسناء
شفاهه بالقبل تتلذذ و يرقص عاريا كما ولد، و تشدو روحه الجميلة أمام جسدها الناعم
لأحلى و أغلى النساء، يقول ما يراه حلوا وعذبا، ويسمع منها في حالة السكوت والصمت والسكون أروع لغة، ألا وهي لغة العيون والجسد.

فهي الوطن الذي لا يسن الزمن قانون هجرة عنه، و لو كانت المرأة مقام يزار لعلق الشعر عليه،
و لو كانت أقدس الأشياء لكان هو جزءا لا يتجزأ منها، و يتبعها كالظل أينما حلت و ارتحلت، لا يدرك ماهية المرأة بشكل رهيب إلا الشاعر الذي درس الشعر وفنونه، وعرف من الحروف كيف تصاغ الكلمات، وخاصة الكلمات التي تطربها، إنه ببساطة فارس الأحلام الذي ينتظر الأميرة، ويقود عبر الأبيات الشعرية المسيرة، و هو نقي السريرة، و تكفيه منها نظرة الحنان، وأجمل الكلام المرصع بالبلاغة والبيان، وغمرة الاهتمام، ولمسة الاحترام، ونعيم الفراش المزركش بالورد الأحمر والشمع المزين بالنور، أمنية المتمني عنده.

المرأة نصف المجتمع و هذا المجتمع لا يرقى إلا بالشعر، ولا يتطور ويتحضر الا بالعلم والفن والفكر.

الشعر فن وصنعة، وكل متعة، لن نجدها مترامية الأطراف إلا به و بها

الفكر العربي اتجاه المرأة لابد ان يتغير و لابد ان يعود لأصله و منبعه.

الشعر و المرأة وجهان لعملة واحدة و هي اولا و هو ثانيا و يجوز في الأمر برمته الوجهان المرأة آخر ما أبدع الرحمن، و بالتالي هي أحسن شيء و أجمله، و الشعر كلما تغنى بها صار مفعنا بالحيوية والحياة

القصيدة أنثى و أول الشعر قيل للأنثى أيام كانت الجنة تخلو من الشياطين و كانت من حولها الملائكة فقط، لابد أن يعود الشعر للزمن الجميل و للأحضانها، و يجب الاعتراف انطلاقا من هذا الباب أنه يوجد تقصير كبير من الشعراء في التعريف بقضيتها الجمالية و الإنسانية و تقصير طفيف أيضا منها في إبراز مفاتنها و محاسنها فلا مرأة تجافي الأنوثة و تخفي معالمها عن العالم و الحياء أهم شعبة منها.

لابد أن يكون الشعر حرا في التعبير عن مدى حبه لها حتى يحافظ على اسمه و رسمه، ولابد أن تتمتع المرأة بالحرية المطلقة بما يراعي أيضا ما أجازه الخالق لها، و بما يتماشى مع طبعها، و ما يناسبها، و لابد أيضا أن يكون الشعر صادقا في البوح والشرح والطرح، وهي أيضا لا بد أن تحمل في يدها النور بكل شفافية ونزاهة، وان تكون صادقة مع من يبادلها الحب بالحب، وينظم لأجلها الشعر ويقرضه والكتابة لها امانة والقراءة منها مطلوبة بشكل لا يقبل الخيانة، فمن يهمل الشعر ويرميه عرض الحائط، خيانته أكثر من غيره، والمرأة أجمل بكبريائها، وأقبح بجبروتها، والشعر لها يهدى في الحالتين.

أولى بهذا الشعر أن يعشق المرأة عشقا أبديا وسرمديا ويذوب في بحرها المسجور، ويرتمي على برها المعمور ويذوق اللذتين معا، قد يكون الشعر موزونا أو مكتوبا من طرف واحد، ومع ذلك فهو يخلد في سجل التاريخ، اما إذا كان من الطرفين معا فهو يفوق كل الوصف، ويبقى مرصعا بالذهب حتى يوم القيامة، ومن خلال ما سبق يجب على الشاعر الإنسان والفنان أن يقيم عيدا سعيدا ونشيدا وعرسا مجيدا تحت أقدامها.

الشاعر يثق في قدرات المرأة، وهي يجب عليها أن تقدر ما يفعله لأجلها لتصفل مواهبه أكثر ويكبر ما لديه أكثر، كلما ملكت طاقة متجددة، وأناقة متفردة ورشاقة متوقدة أسعدته، والشاعر السوي هو الذي يوفق بين واقعها الجميل و لذته المتدفقة منه و منها.

و حناء الشعر لا بد أن تزين يدها النعماء، وبعد التزيين لا بد من تقبيلها حتى ولو أباحت اغتياله والموت في سبيلها شهادة، والعيش لأجلها عادة وعبادة، هي التي يحط الحمام على يدها ويحوم الفراش على صدرها، وهي التي ترى من المرآة وعين الرجل وقلبه والوجود كله ما تحمله المرأة التي تسمى أجمل شيء بكل عنفوان وعرفان؛ مجازا اقول الشعر جميل جدا، وهي اجمل ما رأت عينه، ولكن لا يجوز بتاتا التفضيل بينهما لكونهما صيغة واحدة للجمال وعلمه وفنه، لعمري بعد هذا الجنون كله في حبها يحتاج الشعر إلى ثورة سلمية ترفع رايتها الحمراء المرأة الحسناء وتفضي إلى السلام النهائي والمحبة الدائمة.

للهوى العذري طعم خاص، وللعشق المبتدى وما للشوق المنتهى وهو الشعر يخفِق قلبه وينادي عليها، و يناجي ربها المعبود.

للمرأة سحر وللشعر سحر فما أجمل أن يجتمع السحران معا عند رجل واحد، وشاعر واحد، وقلب واحد.

المرأة مصدر الخصب والشعر يزهر بعد مخاض عسير ومجهود ذهني كبير، يكرم الشعر نفسه من خلال تكريمها وتعظيمها، وتكرمه هي ومن حولها من خلال المواكبة والمصاحبة، وكل منهما يدور في فلك واحد، الا وهو قلب الرجل المعنى.

ختاما يقول الشعر للمرأة لا داعي للقلق أنا مهتم بك اهتماما بالغا وإن الذي يبدي لك احتراما فائقا ينال الدنيا وما فيها.

التعليقات مغلقة.