تازة: مسرحية “المنسية” التي حبست أنفاس جمهور الدراما ضمن شهر التراث

عبد السلام انويكًة

باحترافية عالية ووقع جاذب معبر، طبع الفعل المسرحي خلال أيام تازة الثقافية، من خلال مسرحية موسومة ب”المنسية” وقد جمعت أسس كتابة وتأليف وإبداع وكذا اخراج رفيع، فضلا عما هو من سينوغرافيا وتوظيف إنارة ناهيك عما هو تشخيص.

ومسرحية “المنسية” هذه التي عرضت بتازة، مؤخرا، أغنت فعاليات وفرجة شهر التراث بالمدينة، وكانت بوهج ونفس وايقاع خاص مخلفة صدى واسعا لدى جمهور مدينة عاشق متعطش لكل عمل مسرحي رصين، له إحالاته ورسائله وطبيعة جدله الابداعي الرمزي.

ولعل مسرحية “المنسية” هذه التي لا يزال صداها وهمسها يسكن أركان مسرح “تازة العليا”، وهي من تأليف الأستاذ “نور الدين بن كيران” التازي، سينوغرافيا وإخراج الأستاذ “عبد الرحيم النسناسي”، وتشخيص الفنانة “أمينة بطاش”.

 

و”المنسية”، هذا العمل الدرامي الذي شكل نزهة إبداعية ميزت ربيع “أيام تازة الثقافية” لهذه السنة، تعرض أحداثها حكاية امرأة عاشت فقرا وظلما بجميع ألوانه وتجلياته وتمظهراته.

فالمنسية (وردة) واحدة ممن تنكر لهن المحيط والمجتمع الذي لا يرحم، عاشت حياة من جحيم بين مطرقة وسندان، صراع مع الكل، نتج عنه سجن وعذاب وآلام و ولادة وموت وهجرة إلى المجهول.

بحيث بين الأب (الخضر) المتسلط الجاهل الفاسد، والأم (راضية) المغلوبة على أمرها، التائهة، الشاردة الحية – الميتة المعذبة في الارض، التي ضاع منها الأولاد ولف حبل الجهل والنفاق و الكذب والفساد عنقهم، تاه من تاه، وهاجر من هاجر..، ومنهم من يوجد وراء القضبان، وحتى الدار التي جمعتهم أصبحت خرابا.

الخالة “الصافية”رغم إدراكها وتلقيها العلم على يد أبيها (الروداني)المناضل، إلا أن الواقع المر جعلها تعيش في دوامة الصمت القاتل، تعاني وتتألم داخليا لتتراكم العقد النفسية والأزمات (ملي بغات المنسية تفرح زاد القرح على القرح، ضاع هاشم حبيب العمر ومجموعة من الشباب وغرقوا في البحر، هاجروا ولم يصلوا أبدا إلى بر الأمان)، قصة المنسية لم تنته بل بدأت من جديد بأحداث وعناوين شتى.

 

مسرحية “المنسية” هذه المساحة المعبرة من الانساني المجتمعي للفنان “نور الدين بن كيران”، هو العمل الذي مثل المغرب رسميا، ومن خلاله مثل “تازة” ومسرح تازة في سماء المهرجان الدولي للمنودراما في “قرطاج” بتونس، ربيع السنة الماضية (ماي 2022).

علما أن إدارة المهرجان الدولي للمنودراما بقرطاج، كانت قد توصلت بحوالي مائة عمل مسرحي من كافة دول العالم ليتم انتقاء واحد وثلاثين عملا منها فقط للمشاركة في المسابقة الشرفية، وأربعة عشرة عملا منها فقط للمسابقة الرسمية، ضمنها المسرحية المغربية الموسومة ب”المنسية”.

و”المنسية” هي عمل درامي من تأليف “نورالدين بن كيران” المسرحي التازي، كما سبقت الإشارة لذلك، وهي من اخراج وسينوغرافيا “عبد الرحيم النسناسي”، وتشخيص الفنانة “أمينة بطاش”، وتقديم وعرض وتشخيص فرقة “القناع الأزرق للمسرح والثقافة” بمدينة “الجديدة”.

ولعل هذه الفرقة التي قدمت عرضها مؤخرا بتازة في اطار “أيام تازة الثقافية وشهر التراث بالمغرب”، من قلاع وفرق وتجارب الدراما المغربية التي يعود تأسيسها لنهاية ثمانينات القرن الماضي، والتي توجد على ايقاع هام من اسهامات وتراكمات رفيعة، بقيادة وإدارة “عبد الرحيم النسناسي”، أحد رواد ومخرجي المسرح الفردي والجماعي المتميزين.

مع أهمية الإشارة هنا لما يطبع هذه الفرقة التي يرتبط بها الفنان “نور الدين بنكيران”، خلال السنوات الأخيرة، من خلال عدة اعمال درامية مشتركة من إشعاع وتفاعل، لِما قدمته من عروض سواء داخل المغرب أو خارجه، كما في الجزائر وتونس ولبنان وفرنسا وألمانيا واليابان وبلجيكا واسبانيا وغيرها.

 

عرض مسرحية “المنسية” مؤخرا بتازة، جاء في إطار الاحتفال بفعاليات “شهر التراث 2023″، المقام ما بين 18 أبريل و18 ماي الجاري.

وضمن سلسلة أنشطة ثقافية ابداعية فنية ذات بعد تراثي، وهو ما توزع على عدة فضاءات من المدينة.

يذكر أن عرض مسرحية “المنسية” بتازة تزامن مع توقيع وقراءة لسيرة للأستاذ “نور الدين بن كيران” الذاتية، التي صدرت مؤخرا بالدار البيضاء، وهو العمل الادبي والابداعي الذي سبقه توقيع عمل روائي رفيع المستوى، وقد صدر مؤخرا أيضا، عمل روائي موسوم ب”باب الريح” للأستاذ الأديب والمؤرخ والإعلامي “عبد الاله بسكًمار”، رئيس “مركز بن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث”.  

التعليقات مغلقة.