إزالة اللبس والغبش ودحض الشبهات عن المرأة في الإسلام “الجزء الأول”

بقلم: إلياس بنعلي

 

 

يشمل هذا المقال عدة محاور تزيل اللبس والغبش عن مكانة المرأة في الإسلام وعلاقتها بالرجل. هل هي علاقة تكامل أم تفاضل من حيث المنزلة الإنسانية والمكانة الاجتماعية. ومن حيث الحقوق والمسؤوليات العامة. وهي مقسمة على النحو التالي:

قوامة الرَجُل: صفات الرجولة، آية اكتمال الرجولة. حافظية المرأة. إزالة اللبس في مسألة الميراث. من حق المرأة تولي منصب رئاسة الدولة. شبهة ضرب النساء. مسآلة التعدد. حجاب المرأة. إزالة اللُبس عن الفهم الخاطئ لحديث “ناقصات عقل ودين”. كشف اللبس عن شهادة المرأة. كشف اللبس عن  كيد النساء وكيد الرجال.

 

 

الإسلام ساوى بين المرأة والرجل في الخصائص الإنسانية، الثواب، العقاب والتكاليف الشرعية. إلّا أنّه فرّق بينهما في الخصائص الجسدية، النفسية والعقلية. وهو عين العدل الذي لا تحققه المساواة المطلقة بجمعها بين المختلفين دائماً.

والعدل شرعاً هو: وضع كلّ أمرٍ في الموضع الذي أراده الله له. فيكون التوازن الذي يؤتي كلّ طرفٍ حقّه دون ظلمٍ أو جور. وقد ساوى القرآن الكريم بين الذكر والأنثى والرجال والنساء. من حيث المنزلة الإنسانية والمكانة الاجتماعية. ومن حيث الحقوق والمسؤوليات العامة.

فالمرأة والرجل كلاهما في التكليف والتشريف والمسؤولية سواء. المرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعايته. والرجل راع في بيته، ومسؤول عن رعايته. يقول الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ..} (سورة البقرة، الآية: 228). وقال رسول الله ﷺ: “…النساء شقائق الرجال”. (صحيح أبي داود).

فقد “جاء الإسلام.. وبين أن النساء شقائق الرجال، وأنهم سواء فى تكاليف العقائد والعبادات والأخلاق. وأنهم سواء فى استحقاق الثواب والعقاب بما يعانون من جهد فى سبيل الله. وأن الزعم بأن الذكورة تقدم صاحبها. وأن الأنوثة تؤخر صاحبها. لون من الكذب”. (الإمام محمد الغزالي، الطريق من هنا).

وعن كثير بن عبيد قال: “كانت عائشةُ رضي اللهُ عنها، إذا وُلِدَ فيهم مولودٌ (يعني من أهلِها)، لا تسألْ: غلامًا ولا جاريةً. تقول: خُلِقَ سويًّا؟. فإذا قيل: نعم، قالت: الحمدُ لله ربِّ العالمينَ” (أخرجه البخاري في الأدب المفرد: 1256).

ومن حكمة الإسلام العليا أنه: “وضع الحدود بين المرأة والرجل فائتلفا. وأطفأ بالعدل والإحسان نار الخلاف بينهما. والخلاف بينهما هو أصل شقاء البشرية، ولا يتم إصلاح في المجتمع ما دام الخلاف قائمًا بين الجنسين. وما زالت الجمعيات البشرية من الرجال مختلفة النظر إلى المرأة. فبعضهم يرفعها إلى أعلى من مكانها فيُسقِطها ويسقط معها. ويعطيها أكثر من حقّها ومن مقتضيات طبيعتها فيفسدها ويفسد بها المجتمع. وبعضهم يحُطها عن منزلتها الإنسانية فيعدّها إمّا بهيمة وإما شيطانًا. حتى جاء الإسلام فأقرّها في وضعها الطبيعي وأنصفها من الفريقين”. (محمد البشير الإبراهيمي، الآثار 66-4).

فالعلاقة بين الذكر والأنثى قائمة على التكامل والانسجام والتناغم المتبادل بينهما. لا التفاضل والتخاصم. ولا يمكن أن يتبادلا الأدوار. فالذكر والد وأب. والأنثى والدة وأم. وهذا سيد الخلق وأفضلهم كان في خدمة أهله. وكان ﷺ القُدوةَ الحَسَنةَ لِهذه الأُمَّةِ. فكانَ أفضلَ النَّاسِ وأرحَمَهم وأرفَقَهم في مُعاملةِ أهلِه وعِشرتِه.

فقد جاء في صحيح البخاري: “سَأَلْتُ عَائِشَةَ ما كانَ النبيُّ ﷺ يَصْنَعُ في بَيْتِهِ؟. قالَتْ: كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ – تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ – فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاة”. (صحيح البخاري).

“خلق الله من كل شيء زوجين متقابلين. وبتقابلهما يصلح الكون وتستمر الحياة.. فلا ينبغي أن يتأنَّث الذكر. أو تتنكَّر الأنثى لأنوثتها.. يجب أن يحترم كل منهما طبيعته وفطرة وجوده.” (الإمام القرضاوي عبر الفايسبوك 01/10/2020).

و”المرأة لا هي أدنى، ولا هي أعلى، ولا هي تساوي الرجل. المرأة هي الوجه الثاني للإنسانية.” (مالك بن نبي).

والشريعة لا تحابي رجلًا على امرأة، ولا امرأة على رجل. إن الشريعة لم تضعها لجنة من الرجال حتى تتحيز ضد النساء. ولكن وضعها الذي: {خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى}. (سورة النجم، الآية: 45)”. (الإمام القرضاوي عبر الفايسبوك بتاريخ 04/06/2020).

و”إنّ الإسلام لا يقيم -في سباق الفضائل- وزناً لصفات الذكورة والأنوثة. فالكلّ سواء في العقائد والعبادات والأخلاق. الكلّ سواء في مجال العلم والعمل والجدّ والاجتهاد، لا خشونة الرجل تهب له فضلاً من تقوى. ولا نعومة المرأة تنقصها حظّاً من إحسان.

وفي القرآن الكريم: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}. (سورة النساء، الآية: 124)”. (الإمام محمد الغزالي، كتاب قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة).

الإسلام جعل الإحسان إلى البنات والأخوات سببا مباشرا في دخول الجنة. فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ”. (رواه البخاري).

“حال المرأة المؤمنة في الجنَّة، أفضل من حال الحور العين. وأعلىٰ درجة وأكثر جمالًا. فالمرأة الصالحة من أهل الدنيا إذا دَخلت الجنة، فإنما تدخلها جزاءً علىٰ العمل الصالح. وكرامة من الله لها لدينها وصلاحها. أمَّا الحور التي هي من نعيم الجنة. فإنما خُلقت في الجنة من أجل غيرها. وجُعِلَت جزاءً للمؤمن علىٰ العمل الصالح. وشتان بين من دَخلت الجنة جزاء علىٰ عملها الصالح. وبين من خُلقت ليُجَازَىٰ بها صاحب العمل الصالح. فالأولىٰ: ملكة سيِّدة آمِرَة. والثانية: على عظم قدرها وجمالها – إلا أنها فيما يتعارفه الناس- دون الملكة. وهي مأمورة من سيِّدها المؤمن، الذي خلقها الله تعالىٰ جزاء له.” (تفسير القرطبي: 16/154).

عن ابن سيرين قال: “اختصم الرجال والنساء: أيهم أكثر في الجنة؟ وفي رواية: إما تفاخروا، وإما تذاكروا: الرجال في الجنة أكثر أم النساء؟. فسألوا أبا هريرة، فاحتج أبو هريرة على أن النساء في الجنة أكثر بقول الرسول ﷺ: “إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر. والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء. لكل امرئٍ منهم زوجتان اثنتان. يرى مخ سوقهما من وراء اللحم. وما في الجنة أعزب”. (رواه مسلم). والحديث واضح الدلالة على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال.

التعليقات مغلقة.