تحالفات السياسة بالمغرب: مرونة المصالح وتغير التحالفات بين الأحزاب
الدكتور عثمان العثماني
أصوات من الرباط
على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية والسياسية الواضحة بين حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب العدالة والتنمية، إلا أن مبدأ التحالفات في المشهد السياسي المغربي يُظهر أن السياسة لا تعتمد على الثوابت المطلقة، وإنما تستجيب بشكل كبير لموازين القوى والمصالح الظرفية.
حزب التجمع الوطني للأحرار، المعروف بقربه من عالم الأعمال ورعاته، يركز في استراتيجيته على الدفاع عن مصالح الطبقة الاقتصادية النافذة والمشاركة في مشاريع تنموية ذات طابع اقتصادي أكثر منه اجتماعي أو إصلاحي. ومن هذا المنطلق، تتغير خيارات التحالفات بالنسبة للحزب وفقًا للمواقف والمصالح التي تفرزها المرحلة، وليس وفقًا لمبادئ ثابتة.
وبالنظر إلى ذلك، فإن إمكانية تشكيل تحالف مستقبلي بين الأحرار والعدالة والتنمية ليست مستحيلة، إذ أن الحسابات الواقعية تبقى العامل الحاسم في تحديد المواقف السياسية، خاصة إذا تعرضت مصالح الحزب سواء على مستوى التمثيل أو النفوذ داخل المؤسسات لأي تهديد من قبل قوى أخرى. وفي هذه الحالة، لن يتردد الحزب في إعادة ترتيب أوراقه وبناء تحالفات جديدة، حتى مع خصوم الأمس.
لقد أظهر حزب الأحرار، خلال العشرين عامًا الماضية، مرونة كبيرة في التعامل مع الظروف المتغيرة من خلال تحالفاته تارة مع حزب الأصالة والمعاصرة، وتارة مع الاتحاد الاشتراكي، وحتى مشاركته في حكومات قادها حزب العدالة والتنمية ذاته بين 2012 و2021، رغم التوترات التي نشأت لاحقًا.
أما حزب العدالة والتنمية، رغم تراجعه الانتخابي الكبير، فإنه لا يزال لاعبًا رئيسيًا في التركيبة السياسية، بفضل قوته التنظيمية وامتداده الجماهيري، مما يجعله طرفًا محتملًا لأي حزب يهدف لتوسيع قاعدته أو لضمان التوازن داخل المجالس والهيئات التمثيلية، بما في ذلك الجماعات الترابية.
وفي الختام، تؤكد التطورات أن السياسة ليست حقلًا للمبادئ الثابتة، بل ميدان للمصالح المتحركة. وبناءً على ذلك، فإن احتمالية تحالف الأحرار مع العدالة والتنمية تظل قائمة، خاصة إذا اقتضت مصلحة الحزبين ذلك، خصوصًا حزب الأحرار، الذي يُعرف بمرونته وتحركه وفقًا لضمانات مصالحه ومصالح داعميه.
التعليقات مغلقة.