أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الإعلام المستقل ودوره في كشف الفساد.. حين تختنق الحقيقة بين أنفاس التطبيل والتزمير”

جريدة أصوات

أصوات من الرباط

في زمن تتراجع فيه الشفافية وتتصاعد فيه أصوات التملق والتطبيل، يتعرض الإعلام الحر للاختناق، وتغيب عنه أدنى معايير المهنية والنزاهة. مهرجان ثقافي وفني، على الرغم من رمزيته وأهميته، تحول إلى مسرح تحكمه مصالح وتوازنات غامضة، حيث غابت التغطية الإعلامية النزيهة، وأُقصي الصحفيون المستقلون من أدوارهم الحساسة.

السياق والمشكلة:

لقد كشفت تغطيات عديدة أن المهرجانات والفعاليات الكبيرة، التي يفترض أن تكون منصات لنشر الثقافة والإبداع، صارت أدوات باليد من أجل التطبيل للحكومات والمسؤولين، دون أن تلتزم بأبسط مبادئ الشفافية والحيادية. في هذا السياق، برزت قضية غياب إعلام مستقل وواع، يملك الجرأة على فضح الاختلالات والفساد، خاصة في تنظيم مهرجان لا يراعي الحقوق الأساسية للصحافيين، دون أن يوفر لهم أبسط الحقوق، من تغطية مهنية وميزانية تكفل أداء مهمتهم.

من المؤسف أن العديد من المؤسسات التي تدور في فلك السلطة، تتعامل مع الإعلام كمجرد أداة للتجميل والتلميع، لا كمهنة تنشد الحقيقة وتسعى للكشف عن الحقائق، في حين أن وسائل الإعلام المستقلة، التي تملك الشجاعة والضمير المهني، تظل مشلولة أمام سلطة الريع والتملق، فيما تكتفي أخرى بنشر مجرد أخبار سطحية وتقارير خالية من المصداقية.

الأحداث والتحديات:

في مهرجان تقاطعت فيه المصالح، غاب المُنظمون عن تلبية أدنى معايير الشفافية، وحرمت الصحافة المستقلة من الحق في تغطية كاملة وشفافة، كما حُرمت من دعم مالي وموارد تسمح لها بإنجاز تقارير تعكس الواقع بموضوعية. والنتيجة كانت أن الجمهور، خاصة الفنانين والمتابعين، أدركوا زيف الخطابات المُنمّقة، ووقفوا على طريق الحقيقة التي تتجاهلها المؤسسات الرسمية.

أما عن الأداء الفني والتنظيمي، فالأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أن الفنانون المغاربة، رغم غضبهم واحتجاجاتهم، لم يُجدِ ذلك نفعاً، وظلت التحديات قائمة، بينما الإعلام الحقيقي، الذي كان من المفترض أن يكون صوت الجماهير، مغيباً أو خاضعاً لمنطق التلميع والتطبيل.

المطلب الأساسي:

نحن في مرحلة نحتاج فيها لوسائل إعلام حرة، مستقلة، قادرة على فضح الفساد والكشف عن الاختلالات، لا أدوات للتجميل الإعلامي أو التطبيل أمام المسؤولين. الصحافة الحرة ليست خياراً بل ضرورة، لضمان حقوق الجمهور، ولحماية الفن والثقافة من الانحرافات والسلبيات التي تهدد مستقبل بلادنا.

إننا اليوم أمام معركة صحفية وأخلاقية، تتطلب وقفة جادة من كل من يهمه الأمر، لتمكين الإعلام المستقل من أداء رسالته النبيلة، والعمل على تحريره من قيود الريع والتملق، لأنه هو الحارس الأمين على الحق، وصوت الجماهير المجهول. فلنرفع أصواتنا، ونقف صفاً واحداً، من أجل صحافة حرة، شفافة، تتحدث باسمها وتفضح الفساد، من أجل مغرب قوي يتمسك بالحقيقة، ويحفظ كرامة فنه وإعلامه وشعبه.

التعليقات مغلقة.