أذربيجان تحتفل بالذكرى الثلاثون لاستقلالها

بقلم : د.فؤاد الغزيزر :باحث في العلاقات المغربية الآسيوية

بقلم : د.فؤاد الغزيزر :باحث في العلاقات المغربية الآسيوية

 

تحتفل “أذربيجان” بذكرى استقلالها التي تأتي هذا العام مقترنة باحتفالات البلاد بالذكرى الأولي لتحرير أراضيها  بعد حرب التحرير الكبري والانتصارات المجيدة التي حققتها العام الماضي.

 

و كان قد تم تأسيس جمهورية أذربيجان تحت اسم جمهورية أذربيجان الديمقراطية في 28 مايو 1918، ولكن هذه الدولة الوليدة لم تستمر سوي فترة وجيزة، ومن ثم خضعت للهيمنة السوفيتية لنحو سبعين سنة ، وبعد ذلك استعادت هاته الجمهورية السوفياتية استقلالها في 18 أكتوبر 1991، لتبدأ صفحة جديدة في تاريخ أذربيجان الحديث.

 

يوافق تاريخ الثامن عشر من أكتوبر ذكرى الاستقلال الوطني لجمهورية أذربيجان، الذي يعد من أبرز صفحات تاريخ أذربيجان الحديث، لأنه في مثل هذا اليوم من سنة 1991، و في اجتماع المجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان تم اعتماد القانون الدستوري واستقلال جمهورية أذربيجان، وبذلك القانون تم إعلان جمهورية أذربيجان وريثاً شرعياً لجمهورية أذربيجان الديمقراطية، التي تم تأسيسها في 28 مايو 1918 وعاشت بين عامي 1918 و 1920.
بعد فترة وجيزة من إعلان إعادة استقلالها عن الاتحاد السوفيتي انضمت أذربيجان إلى العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، والتي يأتي في مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي، والمنظمات التابعة لها أيضا، ومن بينها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الإيسسكو” ، وذلك خلال مؤتمر القمة الإسلامي السادس الذي عقد في دكار سنة 1991، وهاتان المنظمتان كانتا أول منظمتين دوليتين انضمت إليهما جمهورية أذربيجان، وتلتها الاعترافات الأولى باستقلال الجمهورية من قبل الدول الصديقة ، ومن ضمنها المملكة المغربية وذلك في 30 سبتمبر من سنة 1991.

 

وفي مارس من سنة 1992 انضمت أذربيجان إلى عضوية الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وفي يوليوز من نفس العام أصبحت أذربيجان عضواً في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.

 

خلال سنوات الاستقلال الثلاثين الماضية، أحرزت أذربيجان منجزات كبيرة في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، حيث عملت علي تعزيز النظام السياسي في البلاد، وتطوير الاقتصاد الوطني، وذلك بفضل الإدارة الحكيمة لموارد البلاد وخاصة من النفط والغاز الطبيعي، ولكن هذه المنجزات والنجاحات التي تمت علي أرض أذربيجان لم تحدث صدفة، أو لم يكن تحقيقها بالأمر الهين، بل على العكس من ذلك ، فقد جاءت تلك النجاحات نتيجة عمل شاق وجهود كبيرة بذلها أبناء أذربيجان المخلصين.

 

في السنوت الأولى من الإستقلال مرت البلاد بصعوبات عديدة، فقد واجهت ظروفاً غير عادية في الداخل والخارج، حتي أوشكت البلاد على الوقوع في براثن حرب أهلية، كما حدث في كثير من الدول المجاورة التي نالت استقلالها عن الاتحاد السوفيتي ، في نفس تلك الفترة، والتي كانت ظروفها مشابهة لظروف أذربيجان، وما زاد من صعوبة ومرارة هذه الفترة أيضاً هو استغلال “أرمينيا” لتلك الظروف وقيامها بشن حرب عليها، واحتلت إقليم “قراباغ الجبلي” ، المعروف باللغة الروسية “ناجورني قراباغ” وسبعا من المحافظات الأخري المجاورة له. و هو ما دعى  مجلس الأمن الدولي إلي إصدار أربع قرارات تطالب أرمينيا بالإنسحاب من أراضي أذربيجان المحتلة، في اعتراف واضح وصريح من المجتمع الدولي بأن إقليم قراباغ هو أرض أذربيجانية.

 

لقد تعرض شعب أذربيجان طوال 200 سنة الماضية للتطهير العرقي والإبادة الجماعية من قبل الشوفينيين القوميين الأرمن في مختلف مراحل التاريخ، ونتيجة لهذه السياسة الهمجية تم احتلال 20% من أراضي جمهورية أذربيجان، ليصبح أكثر من مليون شخص لاجئين ومشردين بعيداً عن ديارهم وأرضهم التي ولدوا ونشأوا فيها، وخلال فترة الاحتلال عملت أرمينيا علي تدمير الأراضي وكذا الآثار التاريخية التي لا عد لها ولا حصر، ومن جملتها المساجد والمقابر.

 

بعد عودة الزعيم القومي “حيدر علييف” إلى السلطة، تغلب شعب أذربيجان على تلك الصعوبات، واستطاعت البلاد أن تخطو خطوات كبيرة في طريق البناء والتحديث، وذلك بفضل السياسة الحكيمة التي اتبعها زعيم البلاد الوطني، وبفضل استراتيجيته الحكومية وسياسته الداخلية والخارجية الناجحة ، حيث أصبحت أذربيجان دولة تتطور سريعا، وفي 20 سبتمبر عام 1994، وبمشاركة الزعيم القومي “حيدر علييف”، تم توقيع ”عقد القرن” في “باكو” بين أذربيجان وأكبر شركات العالم النفطية الأذربيجانية الناجحة التي تحمل أهمية بالغة، ليس لأذربيجان فقط بل ولكل الإقليم والعالم أيضاً.

 

اليوم، ومع الاحتفال بالذكرى الثلاثين للاستقلال، والتي تأتي متزامنة مع الاحتفال بالذكرى الأولى للانتصارات المجيدة وتحرير أراضي “قراباغ” من يد الاحتلال، تسير البلاد نحو المستقبل بخطى متسارعة، و مستقبل جديد لشعب أذربيجان أكثر ازدهاراً واشراقاً.

 

إن المقابلة التاريخية التي جرت بين المغفور لهما الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني “حيدر علييف” وصاحب الجلالة الملك الراحل “الحسن الثاني”، في إطار القمة الإسلامية السابعة ، المنعقدة في الدار البيضاء ، في دجنبر1994، تعتبر فاتحة عهد جديد في العلاقات الأذربيجانية المغربية. وفي تلك المقابلة جرى تبادل الآراء حول سبل تطوير العلاقات الثنائية وآفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، و التي أثمرت علاقات ثنائية متميزة بين أذربيجان والمغرب والتي يواصلها بخطى حثيثة قائدا الدولتين فخامة الرئيس “الهام علييف” وصاحب الجلالة الملك “محمد السادس” نصره الله.

 

وبفضل إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية أذربيجان والمملكة المغربية تم تعزيز وتعميق علاقات الصداقة والتعاون المثمر بين البلدين. فخلال السنوات الأخيرة توصل البلدان إلى تحقيق منجزات كبيرة في تقوية العلاقات الثنائية.

 

و في هذا الإطار يندرج التعاون المتواصل بين البلدين الصديقين ضمن انخراط حكومتي البلدين في إعطاء هذه العلاقة الثنائية المغربية والأذربيجانية أبعاد التجسيد الميداني العائد على شعبي البلدين بمزيد من التقارب والتنمية المشتركة. إن الانطلاق من أرضية التعارف الإنساني والثقافي لبناء علاقة تعاون مثينة بين الدول كثيرا ما يلقى مآلات النجاح وأسباب التوفيق والسداد، لا سيما أن جمهورية أذربيجان والمملكة المغربية تساهمان عن كثب على المستوى العالمي في عملية الحوار البناء بين مختلف الأديان والثقافات.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الذكرى 30 لاستقلال جمهورية أذربيجان تزامنت مع اقتراب ذكرى السنة الأولى للانتصار الكبير الذي حققته أذربيجان ، حيث استرجعت كامل أراضيها بفضل حكمة وتبصر فخامة الرئيس “الهام علييف”، وهو انتصار سيبقى موشوما في ذاكرة كل الأذربيجانيين الأبرار.

تعليق 1
  1. […] لقراءة الخبر من المصدر […]

التعليقات مغلقة.