سعدون.. أسير حرب أم مرتزق؟

الرباط / أحمد المهداوي

“إبراهيم سعدون”، إسم تداولته وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي بكثرة في الأيام الأخيرة، خطفت صورته، في جلسة محاكمته على خلفية اعتقاله في الحرب الدائرة بأوكرانيا، أنظار العالم، غابت حقائق كثيرة وحضرت صورة “إبراهيم سعدون”، المواطن المغربي الذي حكم عيه، إلى جانب مواطنين بريطانيين، بعقوبة الإعدام، حسب وسائل الإعلام روسية.

 

+ من يكون إبراهيم سعدون؟

إبراهيم سعدون “21 سنة”، طالب مغربي، تابع تعليمه الابتدائي بأكادير، ونال شهادة البكالوريا بتفوق في يونيو 2018، وحصل على الجنسية الأوكرانية عام 2020، بعد أن تم قبوله في برنامج تشرف عليه مجموعة من دول الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد خضع “سعدون” لتدريب شبه عسكري لمدة 14 شهرا، قبل الالتحاق ضمن فوج ممن تم انتقاؤهم لمتابعة التخصص في كلية “الأيروديناميكية وتقنيات الفضاء” بمعهد “كييف”، وهو تخصص لا يتاح لغير الدول المشاركة في البرنامج، بمنحة شهرية، يخصصها المعهد، قيمتها 900 دولار، في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور 196 دولار، وهي منحة كافية لمواجهة المصاريف.

 

في البداية آثر “سعدون” متابعة دراسته في روسيا، لكن سرعان ما قادته أبحاثه إلى أوكرانيا للالتحاق بمعهد “كييف”، ضمن كوكبة ممن اختيروا للبرنامج السالف الذكر، إذ لم تبق له إلا سنتان للتخرج مهندسا طيارا؛ كما أن “إبراهيم” يتقن مجموعة من اللغات، كـ: الروسية، التي يتكلم بجميع لهجاتها، والأوكرانية والفرنسية والإنجليزية والعربية.

 

+ إبراهيم سعدون.. من الحرية إلى الأسر! 

مع اندلاع الحرب باتت كل توقعات “سعدون” ومن معه في خبر كان، فبعد أن تعرضت البنيات التحتية للضربات، تم نقل الطلاب المشاركين في البرنامج إلى “بولونيا”، ولم يسمح لهم بالعودة إلى بلدانهم، بل تم إخبارهم بكونهم سيتابعون دراستهم ب”أمريكا”، غير أنهم اصطدموا بواقع الأمر؛ حيث أخبر عدد منهم وضمنهم “إبراهيم سعدون”، ممن يتقنون الإنجليزية بنقلهم إلى “كييف” مكلفين بمهام الترجمة من الإنجليزية، سيما بعد أن عرفت الفترة إمدادات الأسلحة من الغرب.

 

زج بهم في القتال، فلم يجد “سعدون” وأصدقاؤه الخمسة من بد سوى تسليم أنفسهم، ونسق “إبراهيم” بحكم إتقانه للروسية مع مالكة متجر ليدرك مبتغاه، وهو ما تم بالفعل وفق مخطط محكم قبل أن يتحول المشهد إلى إيقاف من عوالم الفضاء الرحب إلى غرفة ’’ضيقة‘‘ يقضي فيها “إبراهيم” ومن معه ساعات الأسر، لينتهي به الأمر بمحاكمته في المحكمة العليا لجمهورية “دونيتسك الشعبية”.

 

+ سعدون.. أسير حرب أم مرتزق؟

في الوقت الذي وصف رئيس الهيئة القضائية في جمهورية “دونيتسك”، حسب المصادر الروسية، المواطن المغربي، “ابراهيم سعدون”، والمواطنين البريطانيين، “شون بينز” و”أيدن أسلين”، بـ“المرتزقة الثلاثة‘‘، رفض “طاهر سعدون”، وصف ابنه بـ”المرتزق”، مؤكداً على كون ابنه “أسير حرب مدني ولم يشارك في الحرب، بل كان يعمل في الترجمة؛ وأجبر على البقاء في دونباس”.

 

الشيء الذي نفاه “إبراهيم” بدوره لكونه أولا حامل للجنسية الأوكرانية، وثانيا لأنه لم يكن يقاتل بمقابل، والقانون وفق معاهدة “جنيف” يعتبر المقاتل الذي يقع في يد طرف خصم في نزاع مسلح دولي أسير حرب، ويكفل القانون الإنساني الحماية لجميع الأشخاص الذين يقعون في يد العدو أثناء النزاع المسلح، سواء كانوا مقاتلين أو مدنيين، فيعدون أسرى حرب.

 

في سياق آخر، وفي الوقت الذي تغيب فيه حقائق كثيرة حول ملابسات القضية ومآلاتها، وهل شارك “إبراهيم سعدون” في الحرب من أجل المال حتى يصنف ضمن المرتزقة، أم أنه تورط فيها كأسير حرب، يبقى السؤال: هل كانت هناك ضمانات لمحاكمته، في جمهورية “دونيتيستيك”، محاكمة عادلة؟

التعليقات مغلقة.