الـــــــــــــمـــــــــرأة والإعـــــــــــــــــــــــلام

جريدة أصوات: عبد الرحمان امزيل

لا أحد ينكر أهمية الإعلام كسلطة رابعة, وكأحد الروافع التي تملك قوة الثأتير على المجتمع، وجزء لا يتجزأ من عملية التحضر والتنوير الإجتماعي المنشود، بما يستلزم إيلائه الإهتمام الكافي من أجل النهوض بالخطاب الإعلامي على أساس موضوعي، والذي يحقق الإنصاف لجميع القطاعات والشرائح الاجتماعية ،ومنها المرأة العاملة في الاعلام وغيرها، وصولا إلى تحقيق العدالة والمساواة والفرص الوظيفية، وفي الأجور والترقيات ،وتمكينها من المشاركة في مراكز صنع القرار الإعلامي ،وصياغة السياسة الإعلامية.

فالإعلام من أهم الوسائل الأكثر تأثيرا في تكوين شخصية الإنسان وتكون ثقافته، وسواء كانت مرئية او مسموعة، فإنها تعتبر من أكتر الوسائل تأثيرا، لقدرتها على توصيل الرسالة المرغوبة لجميع طبقات المجتمع، سواء المتعلمين وغير المتعلمين وتبرز أهمية الإعلام في المكانة التي يحتلها في توجيه الفعل السياسي، والتأثير على توجهات الأفراد ومواقفهم السياسية ، هذه الأهمية التي يحتلها الإعلام دفعت معظم الأنظمة السياسية، للسيطرة عليه وتسخير أكبر عدد من المتخصصين لضمان الهيمنة على أفكار الناس وعواطفهم في إطار ما يسمى ب (الباركوباندا الإعلامية)

فالإعلام من أكتر الوسائل في تسويق الأفكار، وفي تعبئة الرأي العام والتأثير فيه، وغرس القيم والمبادئ فدقيقة واحدة على شاشة التليفزيون ،كافية لتغير سلوكنا والتأثير على ثقافتنا وقيمنا ومبادئنا الهشة، وثلاثون ثانية أخرى كافية لترويج الصورة السلبية للمرأة وإظهارها في صور دونية، لا في الأعمال الدرامية، او من خلال الوصلات الإشهارية التي تكرس المرأة كسلعة !

فالمرأة العاملة في المجال الإعلامي، دائما يتم حصر دورها في ملفات إعلامية بعينها تتسم بطابع فئوي ( ما يتعلق بالموضة، والجمال، وقضايا الأسرة..) دون أخرى ( الملفات السياسية، والاقتصادية، التي تهم فئات المجتمع ) فالمرأة الصحافية تظل حتى داخل قطاع الأخبار محصورة في التقديم، في حين أنها تكون غائبة عن البرامج الحوارية، أو إن كانت وجدت في هده البرامج، فدائما تجد أن الرجل قوي على المرأة في النقاش، اي انهم يأتون بنساء لا دراية لهن بالموضوع أكتر، من أجل إظهار دائما أن المرأة ضعيفة في النقاش أمام الرجل، وتصوير الرجل بأنه البطل، ويعمل التليفزيون كذلك على إعادة إنتاج اللاوعي، للصور النمطية السائدة في المجتمع وذلك بتكرارها (من خلال الخطاب الإشهاري خاصة)

من خلال هذا نلاحظ من الوهلة الأولى، أن التطور الذي يعرفه حضور المرأة في الوسط والمحتوى الإعلامي، لا يزال محتشما، بالنظر إلى التحولات التى عرفتها قضايا المرأة، فالإعلام لا يزال يروج لفكرة مفادها
” ان البناء الاجتماعي للأنوثة ينطوي تحت شعار الجسد، في حين أن البناء الإجتماعي للرجولة، ينبني على شعار العمل،”

على الرغم من إتخاد مجموعة من التدابير، في إطار دستور 2011 لتحسين صورة المرأة في الاعلام، وتبويئها المكانة اللائقة بها من خلال بعض الاستراتيجيات، إلا أن الدراسات والتقارير المنجزة في هذا المجال، تكشف أن واقع الإعلام المغربي لم يستطيع بعد الابتعاد عن الصورة النمطية للمرأة، كما أنه لا يواكب القضايا الحقيقية والعميقة، التي تعاني منها المرأة (التجهيل والتفقير، وإشكالية العنف بكل أنواعه ضد المرأة،الاستغلال الاقتصادي للمرأة في الشركات والضيعات الفلاحية…)

يعتبر مطلب تحسين صورة المرأة في الاعلام، مدخلا أساسيا ومحواريا لترسيخ قيم الإنصاف، وذلك بتوعية المرأة بأهمية دورها القيادي في المجتمع، وإشراكها في مجالات اهتمامها، وكسبيل للمقاومة، ولتغير موجة التمييع والتسطيح والاستهتار بكرامة المرأة، وبتالي كرامة المجتمع،
مطلب تلزمه جرأة نسائية وإرادة سياسية، تساندها برامج ومؤسسات المجتمع المدني، والنسيج الجمعوي، هذه الإرادة السياسية تتطلب كذلك إجراءات ومواكبة تربوية وقانونية ومؤسساتية.

ومع تمكين الصحافيين والصحفيات من ممارسة التغير من ذواتهم، بإعتبار مهنة الصحافة سلطة رابعة، بإمكانها تغير ” الثقافة الذكورية السائدة، ومن العادات والتقاليد التي تكرس لدونية المرأة، وفضح الممارسات المهيمنة اللامرئية التي تتعرض لها من تهميش وإقصاء، من أجل بناء مجتمع مغربي معرفي راقي ومتقدم ، يقوم على بنيات صلبة أساسها الحداثة والمساواة والعدالة الاجتماعية.

التعليقات مغلقة.