مهرجان الساقية الحمراء الدولي لسباق الإبل بالسمارة: العنوان اللافت الفارغ من كل المضامين

أصوات: أخبار الصحراء المغربية

تمر بلادنا بأصعب الرهانات التي تستوجب تضافر جهود كل مكونات المجتمع المغربي بمختلف درجاتها للدفاع عن القضية الوطنية واستغلال كافة مكونات الدولة والمجتمع للدفاع عن الهوية والانتماء ضد كافة المستهدفين للوحدة والوجود، وهو ما يستوجب حسا وطنيا لدى كافة مكونات المجتمع وتفعيل كافة الإمكانات لجعل الملتقيات مكملة لنضال أفراد القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني في الدفاع عن هاته الوحدة والهوية بالزناد والنار، وهو الحس الذي يغيب عن ذاكرة وفعل بعض الزمر ممن ابتليت البلاد بإدارتهم المهترئة التي لا ترقى لمستوى الهجمة ولا صلة لها بحس الانتماء الصافي وتوفير كافة السبل للدفاع عن الأرض المغربية والإنسان المغربي، كما حدث في مهرجان الساقية الحمراء الدولي لسباق الإبل ذا الجعجعة القوية ولكن بلا طحين.

 

 

قديما قيل إن نمرا التهم كل ما تملك العجوز من كعك الأرز ليلتهمها بعد ذلك بل ويصل به الشره إلى محاولة التهام الصغار أيضا، لأنه لم يتم التصدي له من البداية، حينما صدق مقولة “أعطني كعكة أرز ولن ألتهمك”.

 

هاته الأسطورة تعكس حالة الأنانية ومواقف الابتزاز المادي والمعنوي، والتي جسدها مهرجان كان من المفروض أن يكون وسيلة لإبلاغ معاني حبة الرمل ومعيار الإبل في ترسيخ الهوية المغربية، واعتبار هذين المكونين عنصرين أساسيين يجسدان ربط المغرب في كل أطرافه باللون الأحمر “الدم” والنجمة الخضراء “الأرض الولادة”، باعتبارهما أساس بناء علاقة شعب ممتد من الكويرة إلى طنجة تربطه أواشج البيعة والانتماء للوطن الواحد الذي يقوده عاهل البلاد المفدى.

 

بعض القائمين على الشأن المحلي لم ولن يفهموا تلك الفلسفة الوطنية التي ما فتئ عاهل البلاد المفدى يؤكد عليها ويدعو إلى جعل كافة المؤسسات والمجتمع في خدمة هاته الوحدة الوطنية والتصدي بكافة الوسائل الممكنة لسياسة الهدم والتفتيت لهاته الوحدة وتجاوز منطق “الحبل الفاسد” الذي تعلق به النمر فأرداه قتيلا.

 

 

فخلال إحدى خطب عيد العرش، وجه الملك محمد السادس نقدا لاذعا إلى الأحزاب السياسية المغربية، داعيا إياها إلى استقطاب نخب جديدة وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي وتجاوز المنطق السكولائي القديم المعتمد في التدبير وجعل كافة المكونات المجتمعية والمالية العامة خادمة للوحدة وللبناء المؤسساتي القوي والقادر، والمجتمعي المنفتح على الاستماع وربط المسؤولية بالمحاسبة.

 

ما لاحظناه في مهرجان الساقية الحمراء الدولي لسباق الإبل بالسمارة عكس مستوى من الانحطاط التدبيري والتنظيمي من قبل القائمين على الشأن المحلي الذين جعلوا هاته المحطات الوطنية وسيلة لتبدير المال العام وممارسة الطقوسية وسياسة الشطيح التي لا تحمل إلا الريح الذي لا يقدم القضية ولا يساهم في البناء والدفاع عن القضية والهوية لسيادة منطق البراغماتية النفعية المادية أو الطقوسية في التدبير وهو ما يخالف الفلسفة الملكية السامية التي ما فتئت تحث على ضرورة الرقي بالدبلوماسية الموازية لتصبح مكافحة ومكملة لعمل القوات المسلحة الملكية المغربية بدل ما ساد المهرجان من أشكال تغييب الصوت والرسالة والاكتفاء بالزرود والولائم الدسمة على حساب القضية والانتماء والإنسان.

 

 

إن المغرب الحديث بقيادة جلالة الملك من المفترض في رجالاته أن يكونوا في مستوى المرحلة وخطورتها من خلال التصدي للاستهدافات التي تحيط بالوطن والهوية من أعدائها والتي شكل القيمون على المهرجان نمطا من السلوك التدبيري النفعي الذي لا يرقى لمستوى هاته التحديات وتجسيد حضور الرمل والإبل كواقع يؤكد الهوية المغربية وتجسيد الوحدة الوطنية الجامعة وهدم أركان الانفصال والإرهاب والمعطلة للتحرر والتطور باعتبارها من المعارك الأساسية التي أكد عليها عاهل البلاد ودعوته لجعلها أسلوب حكم ونمط تدبير مؤسساتي.

 

 

إن ما لاحظناه خلال متابعتنا لوقائع المهرجان ينطبق عليه المثل العربي القائل “جعجعة بلا طحين”، أو “جدول يخرخر ونهر ثرثار تقطعه غير خالع نعليك” لأنه لم يجسد بالمطلق المنطقة الذي يجب أن يسود في تكريس روابط البيعة والوحدة والانتماء والدفاع الوطني الصادق عن حبة الرمل من مغربنا الحبيب من طنجة إلى الكويرة وتأكيد عناصر الحب الجامعة بين مختلف مكونات المجتمع وبين العرش والشعب في الدفع إلى الأمام بمسيرتي البناء وغرس قيم الوحدة والهوية.

 

إن الإعلام هو الأداء الممكنة والضرورية لإيصال الرسالة السامية التي يجسدها الحدث والتي تم الدوس عليها لفائدة زمر تآكلت في مسار الحضور الغياب في مختلف المحطات لأنها حملت العجز البنيوي عن الدفاع عن القضية والهوية، ما دامت علاقتها بالقضية هي قضية كنز للأموال وتحقيق أرباح على حساب الوطن القضية والهوية والإنسان، في واقع مسؤولين يحاصرون كل فعل جاد يروم خدمة القضية والهوية الوطنية التي شكل المهرجان محطة كان من المنتظر أن يتم استثمارها للمزيد من تعميق الوحدة ونقل صور المغرب الموحد بأبنائه كما وقع في زلزال الحوز دفاعا عن الكينونة والهوية الوطنية بالصدق والإيمان المطلوبين، وهو ما غيب قسرا من قبل القيمين على مهرجان لا يحمل من انتساب للرمل والإبل إلا الاسم وليس إلا.

 

بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء المظفرة قال جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده: “إن توجهنا في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة”، فالنهوض بالأقاليم الجنوبية والدفاع عن مغربية الصحراء هو في صلب التوجهات السامية، وبالتالي وجب على كل المواطنين المغاربة أن يكونوا خلف الخطوات السديدة لملك البلد نصره الله وأيده، إلا أن منظمي المهرجان لم يكونوا في مستوى التحدى والترافع والدفاع عن القضية الهوية والانتماء، والذي كان من المفروض أن يتم استغلال كونه مهرجانا دوليا لنقل الصورة الجميلة وتسخير كافة وسائل الإعلام الوطنية لنقل هاته الجمالية المتشحة بالانتماء، لا لغة السواد التي غرسها المنظمون البعيدون كل البعد عن تحقيق هاته الفلسفة والذين غردوا خارج سرب الوحدة المطلوبة وتشبثوا بقش عبر عن عجزه التاريخي في مقارعة البسيط من الأوجاع فما بالك بوجع أمة ووحدة شعب صادق مكافح وجيش صامد يجمع مكوناته شعار خالد الله-الوطن في وجه المتربصين بوجوده ووحدته بكافة وسائل الخبث والمكر مدعومين بإعلام قوي مسخر كان من المفروض أن يشكل المهرجان قنابل لترسيخ الانتماء والدود عن الوحدة الهوية وهو ما رسب فيه القائمون لفائدة تبدير المال العام بلا هدف ولا رؤية ولا استراتيجية واضحة المعالم تكون سندا لقوات تدود عن الحمى بالدم والعين اليقظة على مدار كافة التخوم العزيزة.

التعليقات مغلقة.