وأوضح أنّ “ما خسرته إسرائيل حتّى اليوم في غزّة من ضباط وجنود على أيدي مجموعات المقاومة الفلسطينية يتجاوز بأضعاف كثيرة ما خسرته في حرب الـ67، فالجيش الإسرائيلي الذي احتل في حرب الأيام الستة أكثر من 69000 كلم 2، يُهزم اليوم على جزء من مساحة غزّة، ويعجز عن تحقيق هدف أو إعلان احتلال أو إقتراب من نصر، بل هو يتراجع وينكفئ تحت عنوان الانتقال إلى مرحلة جديدة، ولذلك من الطبيعي والصواب أن يكون شعار المؤتمر “غزّة رمز المقاومة”، غزّة اليوم هي الرمز لأن في غزّة مقاومة شريفة مقدامة أبية”.

وشدّد السيد نصرالله على أن “غزّة هي الرمز لأنها تعبّر بمقاومتها عن إباء وعنفوان وشموخ وطموحات وآمال شعوبنا المتعطشة للعزة والانتصار؛ ولو لم تقاوم غزّة لما كانت رمزًا وعنوان عزة”.

وأكد أن “المقاومة هي التي تعزّ أهلها وحملة رايتها.. المقاومة هي سر العزّة وسر الكرامة ومفتاح النصر، غزّة جغرافيا صغيرة لكنّها عملاقة بشموخها وبطولاتها، وهي اليوم أوسع من العالم كله كرامة وعنفوانًا وإباءً”.

وقال: “لقد عمل العدوّ وأسياده منذ احتلال فلسطين على مسارين إثنين، الأول مسار تشريع الاحتلال دوليًا وتلميع صورته وتظهيره ككيان نموذجي متحضّر يمكن أن يُحتذى كقدوة للمنطقة. لقد سجّلوا في المسار الأول نجاحات بارزة لما يمتلكونه من قدرات وهيمنة على المؤسسات الدولية الكبرى وعلى أنظمة الغرب وقواه الفاعلة والمؤثرة، أمّا المسار الآخر فكانت خُلاصته إضعاف وخنق مقاومة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته وصولًا إلى إخراجها من ساحة التداول العالمي بالاعتماد على القوّة لشطب القوى المقاومة واعتمادًا على خيار التطبيع الذي كفل لهم إخراج أنظمة مؤثرة من ساحة المواجهة”.

وأبرز نصر الله أن “خيار التطبيع هومشروع لتطويع لإرادة الأمة، وتضييع لقضيتها المركزية، وتهشيم لوحدة خياراتها حتّى كادت أن تتحول قضية فلسطين التي هي قضية الأمة إلى قضية فلسطينية حصرية يتيمة غريبة غريبة بين أهلها وقومها وإخوانها”.

وأبرز نصر الله أنه وفي ظل هاته الهجمة جاء طوفان الأقصى ليخلط كل الأوراق ويبدل كلّ الحسابات ويحوّل التهديد إلى فرصة وجودية متقدمة وإلى محطة تحوّل في المسارات التي عمل عليها الأعداء طويلًا. 

وأوضح الأمين العام لحزب الله، أنّ “طوفان الأقصى المقاوم وجّه صفعة قاسية لكل محاولات شطب قضية فلسطين”، مضيفا أن “القضية التي تآمر عليها الكثير من الغرب والكثير من الشرق، والكثير من الأبعدين والكثير من الأقربين، ما كانت لتبقى على قيد الحياة لولا مقاومتها وبندقيتها وتضحياتها. إذ لا حضور لأحد في هذا العالم الغاشم المتوحش إلا بقدر مقاومته، وإن الحق إذا تسلح بالقوّة والإيمان وإرادة المقاومة والصمود فلا يمكن هزيمته مهما كان العدوّ غاشمًا عاتيًا”.

ورأى السيد نصرالله أنّ “العدو الإسرائيلي الذي يشنّ حرب إبادة شاملة على البشر والحجر والحياة، ويرتكب فظائع هي الأعظم في التاريخ الحديث، يفعل كلّ ذلك ليغطي الهزائم بالمذابح ولينتزع بصور المجازر والدمار صورة إسرائيل الذليلة يوم 7 تشرين الأول ولينتقم لزعزعة مشروعه الذي بذل وأسياده كلّ جهد طوال ما يزيد عن الـ ٥٠ عامًا”.

وفيما يتعلق بالدعم الغربي للصهاينة قال نصر الله، إنه و“بعد عقود من السعي المركز بدعم أميركي وغربي كامل لتقطيع قضية فلسطين وتجزئتها وتذويبها، جاءت النصرة لغزّة من ساحات لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن أوسع من توقعات العدو، وقد نجحت فصائل المقاومة في محاصرة الكيان الغاصب بالنار على مدى أكثر من 100 يوم وهو أمر غير مسبوق”.

وأکد أنّ “دماء شهداء نصرة غزّة في لبنان، وفي سوريا وفي العراق، وفي اليمن، وفي إيران، كلّ هذه الدماء تتوحد وتلتحم وتتكامل مع دماء شهداء غزّة والضفّة الغربية. إنها وحدة الدم والبندقية والساحة والهدف، وهو ما يؤرق أعداءنا، وهو ما يجب أن نستمر به ونعمل على تزخيمه وتعميقه وتمديده. من يعتقد أن لدى هذه الأمة خيارًا غير المقاومة فهو مخطئ وواهم جدًا جدًا جدًا”.

وشدد نصرالله على أنّ “إسرائيل لم تحتل فلسطين بالدبلوماسية وإنما بالسلاح وبالقوّة، ولم تحتل بيروت عام 82 بالدبلوماسية وإنما بالسلاح وبالقوّة، ولا تهدّد الأمة اليوم بالدبلوماسية إنما بالسلاح وبالقوّة. وإسرائيل لم تندحر من لبنان عام 82 بالدبلوماسية وإنما إندحرت بالمقاومة کما لن تندحر من غزّة وفلسطين بالدبلوماسية وإنما بالمقاومة. نحن كأمة لا خيار لنا سوى المقاومة، لا نملك سوى المقاومة، لا شيء يمكن أن نراهن عليه سوى المقاومة”.

وأوضح الأمين العام لحزب الله أن “المراهنة على المؤسسات الدولية وما يُسمّى بالمجتمع الدولي، فهي كما شهدتم وشهدنا مرارًا إنما هي مراهنة فاشلة خائبة لم تُنتج سوى الحسرة والخسران والخيبة والمرارة”، مبرزا أنها منظمات “مرتهنة لإرادة الإدارة الأميركية، وقد كان آخر مهازل وتواطؤ هذه المؤسسات هو القرار الذي أدان اليمن في استهدافه للسفن الإسرائيلية دفاعًا عن غزّة وشرع الاستهداف الأميركي البريطاني للأخوة أنصار الله، وتجاهل بكل وقاحة وخبث مليوني مواطن فلسطيني بين شهيد وجريح ومعتقل وجائع وعطشان ونازح في العراء، جراء المذابح والاعتداءات الإسرائيلية”.