أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

العودة إلى الصواب فضيلة “على هامش المواقف الإسبانية الأخيرة”

ذ.عدنان أتركي

عضو لجنة الخارجية بمجلس النواب

 

إسبانيا الرسمية تضع حدا لأزمتها الديبلوماسية مع المملكة وتقرر إنهاء الجفاء الذي تسبب به حادث استقبال المدعو “بن بطوش” خلسة، و”لدواع إنسانية” صرفة، كما كانت تصرح بملء فيها، وزيرة خارجية إسبانيا السابقة والتي كانت جزءا من الأزمة مع الرباط، غير المأسوف على ذهابها.

 

الخارجية المغربية كانت واضحة منذ البداية، واعتبرت أن التصرف لا يليق بدولة جارة، تكيل بمكيالين في تعاطيها مع قضايانا الاقتصادية والسياسية، كما أنه سلوك غير مقبول، لأنه يمثل طعنة من الخلف وإخلالا بتعهدات حسن الجوار.

 

استمر الجفاء طويلا، كانت فيه بلادنا صامدة، وهي المسلحة بإيمانها بعدالة قضيتها وتعرضت لابتزازات عديدة، وحاول الكابرانات استغلالها بدناءتهم المعهودة، بل وحتى صوت من الداخل، بدأ يصدح بأن بلادنا لا تقوى على مثل هذه الضغوط، وهذا الحصار، سيما وأنه اقترن مع أزمة أخرى مع برلين، لكن الثبات على المبدأ فضيلة، وإرجاع الأخلاق والمبادئ إلى علاقات دولية غارقة في المنفعية والبراغماتية، أمر يبدو ضروريا، وضريبته يمكن أن تؤديها بلادنا، لأن خطها ونهجها الديبلوماسيين مبني عليها…إسبانيا تستعجل العودة إلى “التطبيع” لكن بلادنا تريد عودة للعلاقات بتفاهمات ووضوح أكبر، لأنها لدغت في الماضي، وليست مستعدة للدغة أخرى مستقبلا.

 

 إسبانيا تريد مياه الصحراء لسفنها، تريد مغربا دركيا لحدودها ولحدود أوربا، وتريد مغربا مناصرا لوحدتها ضد طموحات الكاطلان، وتريد سوقا لمنتجاتها، لكنها تريد أن تبقى في “الحياد” المريح لها، عجبا، “حياد” من دولة استعمرت الإقليم، ووقعت معنا اتفاقية “مدريد” لاسترجاعه، وشاهدة على ملحمة المسيرة الخضراء.

 

 لقد غادرت إسبانيا الإقليم، ولم تكن هناك سلطة غير السلطة المغربية، المسنودة بشرعية “الجماعة الصحراوية”، وروابط  تاريخية عديدة وشواهد من جيش التحرير وفترة المقاومة، ولم تكن “الجبهة المزعومة”، والجمهورية الموعودة” سوى سراب، رسمته العسكرية الجزائرية، وصدقه شباب حالم مغرر به، بعطايا وسلاح العقيد، ومذكرات البروفيسور “محمد الشيخ بيد الله”، المعنونة بـ”الصحراء الرواية الأخرى”، تفحم كل مشكك، بالحجة والمشاهدة والدليل.

 

 يخبرنا بلاغ الديوان الملكي، بأن الحكومة الإسبانية، اتخذت مواقف أربعة، وهي:

 أنها اعتبرت “المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف… وأن هذه المبادرة…التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”؛

 أن البلدين “تجمعهما، بشكل وثيق، أواصر المحبة، والتاريخ، والجغرافيا، والمصالح، والصداقة المشتركة، وأن الشعبين يجمعهما نفس المصير أيضا، وأن ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح”؛

 وأن الهدف يتمثل في “بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، وفي مستوى أهمية جميع ما نتقاسمه…وأن اسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف… وأن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها”؛

 وأخيرا، أنه “سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين”.

 

 إنه الاختراق الثالث الذي تحقق خلال السنتين الأخيرتين، من خلال الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، والتغير الكبير في الموقفين الألماني والإسباني، وهو اختراق شاهد على فشل ابتزاز الغاز، وديبلوماسية الرشاوي، وخطاب العداء والكراهية، اختراق يؤكد أن حصون الانفصال وقلاعه تتهاوى تباعا، حتى لا يبقى منها سوى “ثكنة البومدينية” التي لا تريد أن ترى الحقيقة ساطعة، حقيقة المغرب في صحراءه، وحقيقة الصحراء في مغربها.

التعليقات مغلقة.