محاربة الفساد و تفرعاته يجب أن يكون مشروعا مجتمعيا على الصعيد الكوني في قمة محاربة الفساد بمصر

على الرغم من الجهود الرسمية المغربية تبقى مؤشرات تصنيف المغرب عالميا غير مُرضية

تحت عنوان “من اجل محاربة حقيقية لجرائم الفساد والارتشاء والاغتناء اللامشروع واستعادة الأصول والأموال المنهوبة”، بوب المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل مواكبته للمؤتمر التاسع، الذي سيعقد بشرم الشيخ بمصر، و الذي سيجمع الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لبحث سبل الحد من الفساد، ومن أجل مواجهة أفضل لكافة أشكال الفساد، وإذكاء الوعى المجتمعي المرتبط بالتصدي لهاته المشكلة، بما تحمله من آثار سلبية اقتصادية واجتماعية وصحية، و ذلك من خلال تحديث الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الفورية وتنزيل القوانين لمحاربة الإثراء غير المشروع، من خلال التصريح الإجباري بالممتلكات، كأساس لإثبات الإثراء غير المشروع، وأساسا من خلال منع الفساد وإعادة الأصول المسروقة، فضلا عن مكافحة المخدرات والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة ومكافحة غسيل الأموال، والعمل على نشر قيم النزاهة والشفافية والتوعية بمخاطر الفساد وسبل منعه.

 

و هكذا فقد تداول المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل موضوع الفساد في القطاعات الاجتماعية وما يخلفه من آثار سلبية على العملية التعليمية والهدر المدرسي وعلى صحة المواطن و حقه في التطبيب و في ولوج العلاج والدواء، وعلى القدرة الشرائية للمواطنين.

 

جاءت هاته المقاربة من خلال مواكبة المنظمة للدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي  ستعقد بشرم الشيخ بمصر ما بين 13 و 17 دجنبر الحالي، و التي ستعرف مشاركة 120 دولة.

 

مؤتمر سيبحث في المعضلة بتفرعاتها و سبل مواجهتها عالميا، وتعزيز المؤسسات الوطنية ذات الصلة بالموضوع، من خلال التعاون الدولي لمجابهة هاته الآفة الخطيرة، و خلق إجماع مجتمعي واع بضرورة التصدي لها.

 

و انعقاد هذا المؤتمر هو لتأكيد هاته الرغبة الكونية الرافضة لتلك الجريمة بكافة أصنافها و تمظهراتها، و تنزيلا للمضامين التي نصت عليها الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي عقدت في يونيو الماضي.

 

و سيتطرق المؤتمر لعدة مواضيع تهم قضايا الفساد و الجرائم المتصلة به، و منع الفساد من خلال التعليم، ودور المرأة في تعزيز النزاهة، ومبادرة استعادة الأصول والأموال المنهوبة، وجهود مكافحة الفساد في أفريقيا والوطن العربي ، لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة، والتحديات والفرص التي توفرها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والرقمنة لمكافحة الفساد، والمبادرة العالمية لجعل المدن مقاومة للإفساد.

 

كما سيعمل المؤتمر على مراجعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تعد الوثيقة القانونية العالمية الوحيدة الملزمة والتي تمثل أداة لمكافحة الفساد.

 ومن أهم القضايا التي سيتداول فيها المؤتمر، سبل الحد من الفساد، وتعزيز التعاون الدولي من أجل مجابهة كل أشكال الفساد، وسبل التعافي بنزاهة من جائحة كوفيد-19،  و أهمية الشفافية في حالات الطوارئ، خاصة و أن جائحة كورونا أدت إلى استفحال الفساد و توسعه بشكل كبير، مع بروز الأزمات الغذائية و الصحية مما قوى المضاربات على حساب المجتمع.

 

وطنيا و على الرغم من الجهود التي بذلت، و اعتبارا لكون المغرب من بين الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ووضعت استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والارتشاء تماشيا مع المقتضيات الدستورية و الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تمتد من 2015 إلى 2025 ، وبرامج خاصة لمحاربة كل أشكال الفساد واقتصاد الريع، من خلال تقوية أدوار مؤسسات الدستورية والحكومية للرقابة وتكريس استقلالها، وتفعيل توصياتها، والعمل على تخليق الحياة العامة ونشر قيم النزاهة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن خلال المصادقة البرلمانية على حزمة من التشريعات و القوانين في مجال منع ومكافحة الفساد، و منظومة تشريعية تضمنت تجريم الكثير من جرائم الفساد التي أوردتها اتفاقية الأمم  المتحدة، و ضمنها إحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بجانب مؤسسات دستورية رئيسية من قبيل المجلس الأعلى للحسابات ومجلس المنافسة، كأجهزة لمراقبة المال العام و الممارسات المنافية لقيم الشفافية و النزاهة والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار. 

لكن و مع ذلك تظل ظاهرة الفساد  بجميع أشكاله . أحد الامراض المزمنة التي تعيق التنمية المستدامة بالمغرب وتقوض تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص في لوج الخدمات العمومية وضمان مستقبل آمن، حيث ظل المغرب يحتل مرتبة متقدمة في لائحة الدول التي ينتشر فيها الفساد كوباء ومرض مزمن ،و احتلت بذلك المرتبة 80 في مؤشر الفساد في العالم، والمرتبة 41 في ترتيب الدول العربية. حسب التقرير  الصادر عن منظمة الشفافية العالمية الذي ضم 180 دولة. 

التعليقات مغلقة.